الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين

[ ص: 76 ] يتعلق قوله أن كان ذا مال وبنين بفعل ( قال ) بتقدير لام التعليل محذوفة قبل ( أن ) ، وهو حذف مطرد تعلق بذلك الفعل ظرف هو إذا تتلى ومجرور هو أن كان ذا مال ، ولا بدع في ذلك وليست ( إذا ) بشرطية هنا فلا يهولنك قولهم : إن ( ما ) بعد الشرط لا يعمل فيما قبله ، على أنها لو جعلت شرطية لما امتنع ذلك ؛ لأنهم يتوسعون في المجرورات ما لا يتوسعون في غيرها وهذا مجرور باللام المحذوفة .

والمراد : كل من كان ذا مال وبنين من كبراء المشركين كقوله تعالى وذرني والمكذبين أولي النعمة . وقيل : أريد به الوليد بن المغيرة إذ هو الذي اختلق أن يقول في القرآن ( أساطير الأولين ) وقد علمت ذلك عند تفسير قوله تعالى ولا تطع كل حلاف مهين . وكان الوليد بن المغيرة ذا سعة من المال كثير الأبناء وهو المعني بقوله تعالى ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا إلى قوله إن هذا إلا قول البشر . والوجه أن لا يختص هذا الوصف به . وأن يكون تعريضا به .

والأساطير : جمع أسطورة وهي القصة ، والأسطورة كلمة معربة عن الرومية كما تقدم عند قوله تعالى يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين في الأنعام وقوله وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين في سورة النحل .

وختمت الأوصاف المحذر عن إطاعة أصحابها بوصف التكذيب ليرجع إلى صفة التكذيب التي انتقل الأسلوب منها من قوله فلا تطع المكذبين .

وقرأ الجمهور أن كان ذا مال بهمزة واحدة على أنه خبر . وقرأه حمزة وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر بهمزتين مخففتين فهو استفهام إنكاري . وقرأه ابن عامر بهمزة ومدة بجعل الهمزة الثانية ألفا للتخفيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية