الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا قال الرجل لوكيله ضعه حيث أراك الله وقال الوكيل قد سمعت ما قلت

                                                                                                                                                                                                        2193 حدثني يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن إسحاق بن عبد الله أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فلما نزلت لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الله تعالى يقول في كتابه لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت فقال بخ ذلك مال رائح ذلك مال رائح قد سمعت ما قلت فيها وأرى أن تجعلها في الأقربين قال أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه تابعه إسماعيل عن مالك وقال روح عن مالك رابح

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب إذا قال الرجل لوكيله : ضعه حيث أراك الله ، وقال الوكيل : قد سمعت ما قلت ) أي : فوضعه حيث أراد جاز . فيه حديث أنس في قصة صدقة أبي طلحة عند نزول قوله تعالى : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وشاهد الترجمة منه قول أبي طلحة للنبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنها صدقة لله أرجو برها [ ص: 576 ] وذخرها عند الله ، فضعها يا رسول الله حيث شئت " فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه ذلك ، وإن كان ما وضعها بنفسه بل أمره أن يضعها في الأقربين ، لكن الحجة فيه تقريره - صلى الله عليه وسلم - على ذلك . ويؤخذ منه أن الوكالة لا تتم إلا بالقبول لأن أبا طلحة قال : " ضعها حيث أراك الله " فرد عليه ذلك وقال : " أرى أن تجعلها في الأقربين " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أفعل يا رسول الله ) مضبوط في الطرق كلها بهمزة قطع على أنه فعل مستقبل ، وحكى الداودي فيه صيغة الأمر ، أي : افعل ذلك أنت يا رسول الله ، وتعقبه ابن التين بأنه لم تثبت به الرواية ، وأن السياق يأباه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تابعه إسماعيل عن مالك ) يأتي موصولا في تفسير آل عمران .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال روح عن مالك : رابح ) يعني : أن روح بن عبادة وافق في الرواية عن مالك في الإسناد والمتن ، إلا في هذه اللفظة . وروايته المذكورة أخرجها الإمام أحمد عنه ، وقد تقدم بيان الاختلاف في هذه اللفظة في " باب الزكاة على الأقارب " من كتاب الزكاة ، وتقدم هناك ضبط بيرحاء ، ويأتي شرح الحديث في كتاب الوقف ، إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية