الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ إبطال حيلة أخرى لإبطال الزكاة ] : وأعجب من هذا أنه لو كان عنده عين من الذهب والفضة فأراد إسقاط زكاتها في جميع عمره ، فالحيلة أن يدفعها إلى محتال مثله أو غيره في آخر الحول ويأخذ منه نظيرها فيستأنف له الحول ، ثم في آخره يعود فيستبدل بها مثلها ، فإذا هو فعل مثل ذلك لم تجب عليه زكاته ما عاش ، وأعظم من هذه البلية إضافة هذا المكر والخداع إلى الرسول ، وأن هذا من الدين الذي جاء به .

ومثل هذا وأمثاله منع كثيرا من أهل الكتاب من الدخول في الإسلام ، وقالوا : كيف يأتي رسول بمثل هذه الحيل ؟ وأساءوا ظنهم به وبدينه ، وتواصوا بالتمسك بما هم عليه ، وظنوا أن هذا هو الشرع الذي جاء به ، وقالوا : كيف تأتي بهذا شريعة أو تقوم به مصلحة أو يكون من عند الله ؟ ولو أن ملكا من الملوك ساس رعيته بهذه السياسة لقدح ذلك في ملكه ، قالوا : وكيف يشرع الحكيم الشيء لما في شرعه من المصلحة ويحرم لما في فعله من المفسدة ثم يبيح إبطال ذلك بأدنى حيلة تكون ؟ وترى الواحد منهم إذا ناظره المسلم في صحة دين الإسلام إنما يحتج عليه بهذه الحيل ، كما هو في كتبهم وكما نسمعه من لفظهم عند المناظرة ، فالله المستعان .

وكذلك قالوا : لو كان له نصاب من السائمة فأراد إسقاط زكاتها فالحيلة في ذلك أن يعلفها يوما واحدا ثم تعود إلى السوم ، وكذلك يفعل في كل حول ، وهذه حيلة باطلة لا تسقط عنه وجوب الزكاة ، بل وكذلك كل حيلة يتحيل بها على إسقاط فرض من فرائض الله أو حق من حقوق عباده لا يزيد ذلك الفرض إلا تأكيدا وذلك الحق إلا إثباتا .

التالي السابق


الخدمات العلمية