الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مطلب : في استحباب تخليل ما بين الأسنان وإلقاء ما يخرجه الخلال من الخلالة : وتخليل ما بين المواضع بعده وألق وجانب ما نهى الله تهتد ( و ) يحسن بعد الفراغ من الأكل ( تخليل ما ) أي بقايا الطعام الكائن ( بين المواضع ) من أسنانه فيستحب تتبع ذلك بالخلال وإخراجه من تلك المواضع ( بعده ) أي بعد الأكل ، والفراغ منه .

قال الإمام المحقق ابن القيم : والخلال نافع للثة ، والأسنان حافظ لصحتها نافع من تغير النكهة قال : وأجود ما اتخذ من عيدان الأخلة وخشب الزيتون ، والخلاف انتهى ، وقال سيدنا الشيخ عبد القادر قدس الله سره : يكره التخلل على الطعام ولا يخلل بقصب ولا رمان ولا ريحان ولا طرفاء ونحو ذلك ; لأنه مضر . وفي آداب ابن مفلح : ويخلل أسنانه يعني بعد الأكل إن علق بها شيء .

روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " ترك الخلال يوهن الأسنان ، ورفعه بعضهم . وروى أبو نعيم الحافظ وغيره من رواية واصل بن السائب ، وهو ضعيف عن أبي أيوب مرفوعا { حبذا المتخللون من الطعام وتخللوا من الطعام ، فإنه ليس شيء أشد على الملك الذي على العبد أن يجد من أحدكم ريح الطعام } . وفي الهدي النبوي للإمام ابن القيم ورد في الخلال حديثان لم يصحا وذكر هذين الحديثين والله أعلم

. ، وقال علي القارئ : حديث { حبذا المتخللون من أمتي } قال الصغاني وضعه ظاهر وفسره بتخليل الأصابع في الوضوء وبالتخليل بعد الطعام والله ولي الإنعام ( وألق ) ما يخرجه الخلال من الخلالة كثمامة يعني بضم الخاء المعجمة .

[ ص: 128 ] وقد روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا { من أكل فما تخلل فليلفظه ، ومن لاك بلسانه فليبتلع من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج } فيكره ابتلاع ما يخرجه الخلال لا ما يخرج باللسان وعموم إطلاقهم ، ولو منتنا ولعله يكره على ما مشى عليه في الإقناع من كراهة أكل اللحم المنتن خلافا للمنتهى والله أعلم .

( وجانب ) في كل زمان ومكان لا سيما في المأكولات ( ما ) أي الشيء الذي ( نهى الله ) جل شأنه وتعالى سلطانه عن إتيانه فلا تأته ; لأنه ما نهى عنه سبحانه إلا لما فيه من المضرة في البدن ، أو الدين ، أو نحو ذلك فإن أنت فعلت ذلك من المجانبة لما نهى الله ( تهتد ) لطرق الخيرات ، وتنج من الموبقات .

وتسلم من العذاب . وتخلص من العقاب . وكأن الناظم رحمه الله أشار بهذه التكملة إلى مجانبة نحو الخمور ، أو مجالسة من يفعل ذلك ، أو الجلوس على مائدة يشرب عليها ذلك ، أو أعم من ذلك فتكون تكملة للبيت ، وهي من الحشو اللذيذ . إذ هي ألذ على قلوب أهل التقوى من اللحم الحنيذ . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية