الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في قسم الضمان الثاني وهو كفالة البدن وفيه خلاف ، وأصله قول إمامنا رضي الله عنه إنها ضعيفة : أي من جهة القياس ; لأن الحر لا يدخل تحت اليد و ( المذهب ) منه ( صحة كفالة البدن ) وهي التزام إحضار المكفول أو جزء شائع منه كنصفه أو ما لا يبقى بدونه كرأسه أو قلبه أو روحه حيث كان المتكفل بجزئه حيا كما في الإرشاد لإطباق الناس عليها [ ص: 446 ] ومسيس الحاجة لها ، ويشترط تعيينه فلا يصح كفلت بدن أحد هذين ، والطريق الثاني القطع بالأول ( فإن كفل ) بفتح الفاء أفصح من كسرها ( بدن من عليه مال ) أو عنده مال ولو أمانة ( لم يشترط العلم بقدره ) لما يأتي أنه لا يغرمه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في قسم الضمان الثاني ، وهو كفالة البدن ( قوله : في قسم الضمان الثاني ) أي وما يترتب عليه ككونه يغرم أولا ( قوله : : والمذهب منه ) [ ص: 446 ] أي الخلاف ( قوله : والطريق الثاني ) لم يصرح فيما سبق ببيان الثاني لكنه أشار إليه بقوله أولا وفيه خلاف والمذهب منه صحة إلخ ، وعبارة المحلي بعد تقرير كلام المتن : وفي قول لا تصح وقطع بعضهم بالأول وهي ظاهرة ( قوله : القطع بالأول ) أي وإذا قلنا بالصحة فإن كفل إلخ ، ومن ثم قال المحلي بعد قول المصنف : صحة كفالة البدن في الجملة فالحاصل أن في أصل الكفالة خلافا ، ففي قول : هي باطلة مطلقا والراجح أنها صحيحة على التفصيل المذكور بقوله : فإن كفل إلخ

                                                                                                                            ( قوله : فإن كفل ) قضية ما في المختار أنه إنما يتعدى بنفسه إذا كان بمعنى عال ، وأنه إذا كان بمعنى ضمن تعدى بالباء وعبارته : والكفيل الضامن .

                                                                                                                            وقد كفل به يكفل بالضم كفالة ، وكفل عنه بالمال لغريمه وأكفله بالمال لغريمه ، وأكفله المال ضمنه إياه وكفله إياه بالتخفيف ، فكفل هو من باب نصر ودخل وكفله إياه تكفيلا مثله ، وتكفل بدينه والكافل الذي يكفل إنسانا يعوله ، ومنه قوله تعالى { وكفلها زكريا } ا هـ .

                                                                                                                            ثم رأيت في حج بعد قول المصنف فإن كفل بدن ما نصه : عداه كغيره بنفسه لأنه بمعنى ضمن ، لكن قيل : إن أئمة اللغة لم يستعملوه إلا متعديا بالباء ا هـ .

                                                                                                                            ولعله لكونه الأفصح ، أما كفل بمعنى عال كما في الآية فمتعد بنفسه دائما : أي وما ورد في حديث الغامدية الآتي الباء فيه زائدة تأكيدا ا هـ

                                                                                                                            ( قوله : ولو أمانة ) قد يخالف هذا ما يأتي في قوله ، ويشترط كونه مما يصح ضمانه ; إذ الأمانة لا يصح ضمانها ، ويجاب بأنه فيما يأتي لم يقتصر على ما ذكر بل ذكر بعده صحة كفالة من عليه عقوبة لآدمي وألحق بها من عليه حق الآدمي يستحق بسببه حضوره في مجلس الحكم إذا طلب له ، ومنه الوديع والأجير ونحوهما فإنهم إذا طلبوا وجب عليهم الحضور لكن قد يتوقف في الوديع فإن اللازم له التخلية فلا يجب عليه الحضور لمجلس الحكم ، إلا أن يقال : قد يطرأ عليه ما يوجب حضوره مجلس الحكم كما لو ادعى ضياع العين فطلب مالكها حضوره

                                                                                                                            ( قوله : إنه لا يغرمه ) أي لا يطالب بالغرم فلا ينافي ما سيأتي للشارح من أنه لو امتنع يحبس ما لم يؤد المال ; لأن التأدية تبرع منه ، ومن ثم لو حضر المكفول أو تعذر حضوره استرد ما غرمه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( فصل ) في قسم الضمان الثاني ( قوله : أي من جهة القياس ) هذا التفسير لا محل له هنا ; لأنا لو نظرنا إليه لم يتأت خلاف ، وإنما منشأ الخلاف إطلاق العبارة المذكورة عن الشافعي ، فمنهم من حمل الضعف على ظاهره فمنع الكفالة ، ومنهم من حمله على الضعف من جهة القياس فصححها وهو المذهب ، ومن ثم أخر الشهاب حج هذا التفسير عن قول المصنف المذهب صحة كفالة البدن للإشارة إلى أنه جواب من جهة المذهب عما يورده عليه مقابله من قول الشافعي المذكور . ( قوله : حيث كان المتكفل بجزئه حيا ) هذا قيد في الروح كما لا يخفى ، وحينئذ فكان اللائق أن يقول حيث كان [ ص: 446 ] المتكفل بروحه . ( قوله : والطريق الثاني القطع بالأول ) ذكر الشارح الجلال قبل هذا قولا بعدم الصحة ، فما في المتن هو أحد وجهي الطريقة الحاكية ، لكن عبارة الجلال وقطع بعضهم بالأول فكأنه لما لم يكن هذا القطع مشهورا لم يحمل المتن عليه




                                                                                                                            الخدمات العلمية