الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون )

                                                                                                                                                                                                                                            لما ذكر أنهم يرجعون إلى ربهم بين ما يكون عند الرجوع على سبيل الإجمال بقوله : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم ) يعني لو ترى حالهم وتشاهد استخجالهم لترى عجبا ، وقوله : ( ترى ) يحتمل أن يكون خطابا مع الرسول صلى الله عليه وسلم تشفيا لصدره ، فإنهم كانوا يؤذونه بالتكذيب ، ويحتمل أن يكون عاما مع كل أحد كما يقول القائل : إن فلانا كريم ، إن خدمته ولو لحظة يحسن إليك طول عمرك ولا يريد به خاصا .

                                                                                                                                                                                                                                            وقوله : ( عند ربهم ) [ ص: 155 ] لبيان شدة الخجالة ؛ لأن الرب إذا أساء إليه المربوب ، ثم وقف بين يديه يكون في غاية الخجالة .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ربنا أبصرنا وسمعنا ) يعني يقولون أو قائلين : ( ربنا أبصرنا ) وحذف “ يقولون “ إشارة إلى غاية خجالتهم لأن الخجل العظيم الخجالة لا يتكلم ، وقوله : ( ربنا أبصرنا وسمعنا ) أي أبصرنا الحشر وسمعنا قول الرسول فارجعنا إلى دار الدنيا لنعمل صالحا ، وقولهم : ( إنا موقنون ) معناه إنا في الحال آمنا ، ولكن النافع الإيمان والعمل الصالح ، ولكن العمل الصالح لا يكون إلا عند التكليف به وهو في الدنيا فارجعنا للعمل ، وهذا باطل منهم فإن الإيمان لا يقبل في الآخرة كالعمل الصالح . أو نقول المراد منه أنهم ينكرون الشرك كما قالوا : ( ما كنا مشركين ) فقالوا : إن هذا الذي جرى علينا ما جرى إلا بسبب ترك العمل الصالح ، وأما الإيمان فإنا موقنون وما أشركنا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية