الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب فضل الغزو في البحر

                                                                      2490 حدثنا سليمان بن داود العتكي حدثنا حماد يعني ابن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أنس بن مالك قال حدثتني أم حرام بنت ملحان أخت أم سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عندهم فاستيقظ وهو يضحك قالت فقلت يا رسول الله ما أضحكك قالرأيت قوما ممن يركب ظهر هذا البحر كالملوك على الأسرة قالت قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال فإنك منهم قالت ثم نام فاستيقظ وهو يضحك قالت فقلت يا رسول الله ما أضحكك فقال مثل مقالته قالت قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين قال فتزوجها عبادة بن الصامت فغزا في البحر فحملها معه فلما رجع قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها فاندقت عنقها فماتت حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان وكانت تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها يوما فأطعمته وجلست تفلي رأسه وساق هذا الحديث قال أبو داود وماتت بنت ملحان بقبرص حدثنا يحيى بن معين حدثنا هشام بن يوسف عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أخت أم سليم الرميصاء قالت نام النبي صلى الله عليه وسلم فاستيقظ وكانت تغسل رأسها فاستيقظ وهو يضحك فقالت يا رسول الله أتضحك من رأسي قال لا وساق هذا الخبر يزيد وينقص قال أبو داود الرميصاء أخت أم سليم من الرضاعة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أم حرام ) : بفتح الحاء والراء المهملتين هي خالة أنس بن مالك رضي الله عنه ( بنت ملحان ) : بكسر الميم وسكون اللام وبالحاء المهملة ( أخت أم سليم ) : صفة ثانية لأم حرام ( قال ) : من القيلولة أي نام واستراح في وسط النهار ( وهو يضحك ) : أي فرحا وسرورا لكون أمته تبقى بعده متظاهرة أمور الإسلام قائمة بالجهاد حتى في البحر .

                                                                      والجملة الحالية ( ممن يركب ظهر هذا البحر ) : أي يركب السفن التي تجري على ظهره ( كالملوك على الأسرة ) : جمع سرير .

                                                                      قال النووي : قيل هو صفة لهم في الآخرة إذا دخلوا الجنة ، والأصح أنه صفة لهم في الدنيا ، أي يركبون مراكب الملوك لسعة حالهم واستقامة أمرهم وكثرة عددهم ( أنت من [ ص: 137 ] الأولين ) : قال النووي : هذا دليل على أن رؤياه الثانية غير الأولى وأنه عرض فيه غير الأولين ( فصرعتها ) : أي أسقطتها ( فاندقت ) : أي انكسرت ( فماتت ) : في الطريق لما رجعوا من غزوهم بغير مباشرة للقتال .

                                                                      وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد رواه مسلم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه .

                                                                      ( إلى قباء ) : بضم قاف وخفة موحدة مع مد وقصر موضع بميلين أو ثلاثة من المدينة مصروف على الصحيح ( تفلي رأسه ) : بفتح الفوقية وسكون الفاء وكسر اللام من باب ضرب يضرب أي تفتش رأسه لتستخرج قمله .

                                                                      قال النووي : اتفق العلماء على أنها كانت محرما له صلى الله عليه وسلم ، واختلفوا في كيفية ذلك ، فقال ابن عبد البر وغيره : كانت إحدى خالاته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة .

                                                                      وقال آخرون : بل كانت خالة لأبيه أو لجده لأن عبد المطلب كانت أمه من بني النجار ( بقبرس ) : بضم القاف والراء وسكون الموحدة بينهما .

                                                                      قال في القاموس : جزيرة عظيمة للروم بها توفيت أم حرام بنت ملحان .

                                                                      انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي وقال الترمذي : حسن صحيح .

                                                                      ( الرميصاء ) : بضم الراء وفتح الميم وسكون التحتية بدل من أخت أم سليم [ ص: 138 ] والرميصاء هذه هي أم حرام بنت ملحان والرمص اجتماع القذى في مؤخر العين وفي هدبها ، وقيل استرخاؤها وانكسار الجفن وكذلك الغمص بالغين المعجمة ( قال أبو داود : والرميصاء أخت أم سليم من الرضاعة ) : هذه العبارة لم توجد في بعض النسخ .

                                                                      واعلم أن أم حرام وأم سليم شقيقتان ، فقال الحافظ في التقريب : أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية خالة أنس صحابية مشهورة .

                                                                      وقال : أم سليم بنت ملحان بن خالد الأنصارية والدة أنس بن مالك اشتهرت بكنيتها وكانت من الصحابيات الفاضلات .

                                                                      ثم اعلم أنه يقال لأم حرام الرميصاء ولأم سليم الغميصاء .

                                                                      فقال الحافظ في فتح الباري : أم حرام هي خالة أنس وكان يقال لها الرميصاء ولأم سليم الغميصاء بالغين المعجمة والباقي مثله .

                                                                      قال عياض : وقيل بالعكس .

                                                                      وقال ابن عبد البر : الغميصاء والرميصاء هي أم سليم ، ويرده ما أخرج أبو داود بسند صحيح عن عطاء بن يسار عن الرميصاء أخت أم سليم فذكر نحو حديث الباب انتهى كلام الحافظ .

                                                                      وإذا عرفت هذا ظهر لك أن قول أبي داود : الرميصاء أخت أم سليم من الرضاعة ليس بصحيح والله تعالى أعلم وعلمه أتم .

                                                                      قال المنذري : وهو طرف من الحديث المتقدم .




                                                                      الخدمات العلمية