الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            [ ص: 588 ] 1704 - إنشاد أبي سفيان في إسلامه واعتذاره مما مضى

                                                                                            4416 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال : حدثني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه عام الفتح حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين ، فسبعت سليم وألفت مزينة وفي كل القبائل عدد وإسلام وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المهاجرون والأنصار ، فلم يتخلف عنه منهم أحد ، وقد عميت الأخبار على قريش ، فلا يأتيهم خبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يدرون ما هو صانع ، وكان أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قد لقيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثنية العقاب فيما بين مكة والمدينة ، فالتمسا الدخول عليه ، فكلمته أم سلمة فقالت : يا رسول الله ، ابن عمك ، وابن عمتك ، وصهرك ، فقال : " لا حاجة لي فيهما ، أما ابن عمي فهتك عرضي ، وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال " فلما خرج الخبر إليهما بذلك ومع أبي سفيان بن الحارث ابن له فقال : والله ليأذنن رسول صلى الله عليه وآله وسلم أو لآخذن بيد ابني هذا ، ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا أو جوعا ، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رق لهما فدخلا عليه فأنشده أبو سفيان قوله في إسلامه ، واعتذاره مما كان مضى فيه ، فقال :


                                                                                            لعمرك إني يوم أحمل راية لتغلب خيل اللات خيل محمد     لكالمدلج الحيران أظلم ليله
                                                                                            فهذا أوان الحق أهدي وأهتدي     فقل لثقيف لا أريد قتالكم
                                                                                            وقل لثقيف تلك عندي فأوعدي     هداني هاد غير نفسي ودلني
                                                                                            إلى الله من طردت كل مطرد     أفر سريعا جاهدا عن محمد
                                                                                            وأدعي ولو لم أنتسب لمحمد     هم عصبة من لم يقل بهواهم
                                                                                            وإن كان ذا رأي يلم ويفند [ ص: 589 ]     أريد لأرضيهم ولست بلافظ
                                                                                            مع القوم ما لم أهد في كل مقعد     فما كنت في الجيش الذي نال عامرا
                                                                                            ولا كل عن خير لساني ولا يدي     قبائل جاءت من بلاد بعيدة
                                                                                            توابع جاءت من سهام وسردد     وإن الذي أخرجتم وشتمتم
                                                                                            سيسعى لكم سعي امرئ غير قعدد



                                                                                            قال : فلما أنشد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إلى الله من طردت كل مطرد ، ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صدره ، فقال : " أنت طردتني كل مطرد
                                                                                            "

                                                                                            قال ابن إسحاق : " ماتت أم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالأبواء ، وهي تزور خوالها من بني النجار " .

                                                                                            هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .

                                                                                            وأبو سفيان بن الحارث أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الرضاعة أرضعتهما حليمة ، وابن عمه ، ثم عامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعاملات قبيحة ، وهجاه غير مرة حتى أجابه حسان بن ثابت رضي الله عنه بقصيدته التي ، يقول فيها :


                                                                                            هجوت محمدا فأجبت عنه     وعند الله في ذاك الجزاء



                                                                                            الحديث والقصيدة بطولها مخرجة في الحديث الصحيح لمسلم رحمه الله تعالى ، وقد كان حسان بن ثابت رضي الله عنه يستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يهجوه فلا يأذن له .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية