[ ص: 124 ] nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=29040_30293_30296فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=14وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فيومئذ وقعت الواقعة nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16وانشقت السماء فهي يومئذ واهية nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية الفاء لتفريع ما بعدها على التهويل الذي صدرت به السورة من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=1الحاقة nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=2ما الحاقة nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=3وما أدراك ما الحاقة فعلم أنه تهويل لأمر العذاب الذي هدد به المشركون من أمثال ما نال أمثالهم في الدنيا . ومن عذاب الآخرة الذي ينتظرهم ، فلما أتم تهديدهم بعذاب الدنيا فرع عليه إنذارهم بعذاب الآخرة الذي يحل عند القارعة التي كذبوا بها كما كذبت بها ثمود وعاد ، فحصل من هذا بيان للقارعة بأنها ساعة البعث وهي الواقعة .
والصور : قرن ثور يقعر ويجعل في داخله سداد يسد بعض فراغه حتى إذا نفخ فيه نافخ انضغط الهواء فصوت صوتا قويا ، وكانت الجنود تتخذه لنداء بعضهم بعضا عند إرادة النفير أو الهجوم ، وتقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=73وله الملك يوم ينفخ في الصور في سورة الأنعام .
nindex.php?page=treesubj&link=30293والنفخ في الصور : عبارة عن أمر التكوين بإحياء الأجساد للبعث مثل الإحياء بنداء طائفة الجند المكلفة بالأبواق لنداء بقية الجيش حيث لا يتأخر جندي عن الحضور إلى موضع المناداة ، وقد يكون للملك الموكل موجود يصوت صوتا مؤثرا .
و ( نفخة ) : مصدر نفخ مقترن بهاء دالة على المرة ، أي الوحدة فهو في الأصل مفعول مطلق ، أو تقع على النيابة عن الفاعل للعلم بأن فاعل النفخ الملك الموكل بالنفخ في الصور وهو إسرافيل .
ووصف ( نفخة ) ب ( واحدة ) تأكيد لإفادة الوحدة من صيغة الفعلة تنصيصا على الوحدة المفادة من التاء .
والتنصيص على هذا للتنبيه على التعجيب من تأثر جميع الأجساد البشرية
[ ص: 125 ] بنفخة واحدة دون تكرير تعجيبا عن عظيم قدرة الله ونفوذ أمره ؛ لأن سياق الكلام من مبدأ السورة تهويل يوم القيامة فتعداد أهواله مقصود ، ولأجل القصد إليه هنا لم يذكر وصف ( واحدة ) في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون في سورة الروم .
فحصل من ذكر
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13نفخة واحدة تأكيد معنى النفخ وتأكيد معنى الوحدة ، وهذا يبين ما روي عن صاحب الكشاف في تقريره بلفظ مجمل نقله
الطيبي ، فليس المراد بوصفها ب ( واحدة ) أنها غير متبعة بثانية فقد جاء في آيات أخرى أنهما نفختان ، بل المراد أنها غير محتاج حصول المراد منها إلى تكررها كناية عن سرعة وقوع الواقعة ، أي يوم الواقعة .
وأما ذكر كلمة ( نفخة ) فليتأتى إجراء وصف الوحدة عليها فذكر ( نفخة ) تبع غير مسوق له الكلام فتكون هذه النفخة هي الأولى وهي المؤذنة بانقراض الدنيا ثم تقع النفخة الثانية التي تكون عند بعث الأموات .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=14وحملت الأرض والجبال إلخ في موضع الحال ؛ لأن دك الأرض والجبال قد يحصل قبل النفخ في الصور لأن به فناء الدنيا .
ومعنى ( حملت ) : أنها أزيلت من أماكنها بأن أبعدت الأرض بجبالها عن مدارها المعتاد فارتطمت بأجرام أخرى في الفضاء فدكتا ، فشبهت هذه الحالة بحمل الحامل شيئا ليلقيه على الأرض ، مثل حمل الكرة بين اللاعبين ، ويجوز أن يكون تصرف
nindex.php?page=treesubj&link=29747الملائكة الموكلين بنقض نظام العالم في الكرة الأرضية بإبعادها عن مدارها مشبها بالحمل وذلك كله عند اختلال الجاذبية التي جعلها الله لحفظ نظام العالم إلى أمد معلوم لله تعالى .
والدك : دق شديد يكسر الشيء المدقوق ، أي فإذا فرقت أجزاء الأرض وأجزاء جبالها .
وبنيت أفعال ( نفخ ، وحملت ، ودكتا ) للمجهول ؛ لأن الغرض متعلق ببيان المفعول لا الفاعل ، وفاعل تلك الأفعال إما الملائكة أو ما أودعه الله من أسباب تلك الأفعال ، والكل بإذن الله وقدرته .
[ ص: 126 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فيومئذ وقعت الواقعة مشتملة على جواب ( إذا ) ، أعني قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15وقعت الواقعة ، وأما قوله ( فيومئذ ) فهو تأكيد لمعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13فإذا نفخ في الصور إلخ ؛ لأن تنوين ( يومئذ ) عوض عن جملة تدل عليها جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13نفخ في الصور إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=14دكة واحدة ، أي فيوم إذ نفخ في الصور إلى آخره وقعت الواقعة ، وهو تأكيد لفظي بمرادف المؤكد ، فإن المراد ب ( يوم ) من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فيومئذ وقعت الواقعة ، مطلق الزمان كما هو الغالب في وقوعه مضافا إلى ( إذا ) .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15وقعت الواقعة تحقق ما كان متوقعا وقوعه ؛ لأنهم كانوا يتوعدون بواقعة عظيمة فيومئذ يتحقق ما كانوا يتوعدون به .
فعبر عنه بفعل المضي تنبيها على تحقيق حصوله .
والمعنى : فحينئذ تقع الواقعة .
والواقعة : مرادفة للحاقة والقارعة ، فذكرها إظهار في مقام الإضمار لزيادة التهويل وإفادة ما تحتوي عليه من الأحوال التي تنبئ عنها موارد اشتقاق أوصاف الحاقة والقارعة والواقعة .
و ( الواقعة ) صار علما بالغلبة في اصطلاح القرآن يوم البعث قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إذا وقعت الواقعة nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2ليس لوقعتها كاذبة .
وفعل
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=37انشقت السماء يجوز أن يكون معطوفا على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13نفخ في الصور فيكون ملحقا بشرط ( إذا ) ، وتأخير عطفه لأجل ما اتصل بهذا الانشقاق من وصف الملائكة المحيطين بها ، ومن ذكر العرش الذي يحيط بالسماوات وذكر حملته .
ويجوز أن يكون جملة في موضع الحال بتقدير : وقد انشقت السماء .
وانشقاق السماء : مطاوعتها لفعل الشق ، والشق : فتح منافذ في محيطها ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=25ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=26الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا .
ثم يحتمل أنه غير الذي في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=37فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ويحتمل أنه عينه .
[ ص: 127 ] وحقيقة ( واهية ) ضعيفة ومتفرقة ، ويستعار الوهي للسهولة وعدم الممانعة ، يقال : وهى عزمه ، إذا تسامح وتساهل ، وفي المثل " أوهى من بيت العنكبوت " يضرب لعدم نهوض الحجة .
وتقييده ب ( يومئذ ) أن الوهي طرأ عليها بعد أن كانت صلبة بتماسك أجزائها وهو المعبر عنه في القرآن بالرتق كما عبر عن الشق بالفتق ، أي فهي يومئذ مطروقة مسلوكة .
والوهي قريب من الوهن ، والأكثر أن الوهي يوصف به الأشياء غير العاقلة ، والوهن يوصف به الناس .
والمعنى : أن الملائكة يترددون إليها صعودا ونزولا خلافا لحالها من قبل ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=37فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17والملك على أرجائها ، حال من ضمير فهي ، أي يومئذ الملك على أرجائها .
والملك : أصله الواحد من الملائكة ، وتعريفه هنا تعريف الجنس وهو في معنى الجمع ، أي جنس الملك ، أي جماعة من الملائكة أو جميع الملائكة إذا أريد الاستغراق ، واستغراق المفرد أصرح في الدلالة على الشمول ، ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الكتاب أكثر من الكتب ، ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4رب إني وهن العظم مني .
وضمير ( أرجائها ) عائد إلى السماء .
والمعنى : أن
nindex.php?page=treesubj&link=29747الملائكة يعملون في نواحي السماء ينفذون إنزال أهل الجنة بالجنة وسوق أهل النار إلى النار .
وعرش الرب : اسم لما يحيط بالسماوات وهو أعظم من السماوات .
والمراد
nindex.php?page=treesubj&link=29747_29657بالثمانية الذين يحملون العرش : ثمانية من الملائكة ، فقيل : ثمانية شخوص ، وقيل : ثمانية صفوف ، وقيل ثمانية أعشار ، أي نحو ثمانين من مجموع عدد الملائكة ، وقيل غير ذلك . وهذا من أحوال الغيب التي لا يتعلق الغرض
[ ص: 128 ] بتفصيلها ، إذ المقصود من الآية تمثيل عظمة الله تعالى وتقريب ذلك إلى الأفهام كما قال في غير آية .
ولعل المقصود بالإشارة إلى ما زاد على الموعظة ، هو تعليم الله نبيئه - صلى الله عليه وسلم - شيئا من تلك الأحوال بطريقة رمزية يفتح عليه بفهم تفصيلها ولم يرد تشغيلنا بعلمها .
وكأن الداعي إلى ذكرهم إجمالا هو الانتقال إلى الإخبار عن عرش الله ؛ لئلا يكون ذكره اقتضابا بعد ذكر الملائكة .
وروى
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - حديثا ذكر فيه أبعاد ما بين السماوات ، وفي ذكر جملة العرش رموز ساقها
الترمذي مساق التفسير لهذه الآية ، وأحد رواته
عبد الله بن عميرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : لا نعلم له سماعا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف .
وهنالك أخبار غير حديث
العباس لا يعبأ بها ، وقال
ابن العربي فيها : إنها متلفقات من أهل الكتاب أو من شعر
nindex.php?page=showalam&ids=12467لأمية بن أبي الصلت ، ولم يصح أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنشد بين يديه فصدقه . اهـ .
وضمير ( فوقهم ) يعود إلى الملك .
ويتعلق ( فوقهم ) ب
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17يحمل عرش ربك وهو تأكيد لما دل عليه ( يحمل ) من كون العرش عاليا فهو بمنزلة القيدين في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه .
والخطاب للنبيء - صلى الله عليه وسلم - . وإضافة عرش إلى الله إضافة تشريف مثل إضافة
الكعبة إليه في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وطهر بيتي للطائفين الآية ،
nindex.php?page=treesubj&link=28728والله منزه عن الجلوس على العرش وعن السكنى في بيت .
والخطاب في قوله ( تعرضون ) لجميع الناس بقرينة المقام وما بعد ذلك من التفصيل .
والعرض : أصله إمرار الأشياء على من يريد التأمل منها مثل عرض السلعة على المشتري وعرض الجيش على أميره وأطلق هنا كناية عن لازمه وهو المحاسبة مع جواز إرادة المعنى الصريح .
[ ص: 129 ] ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18لا تخفى منكم خافية : لا تخفى على الله ولا على ملائكته . وتأنيث ( خافية ) لأنه وصف لموصوف مؤنث يقدر بالفعلة من أفعال العباد ، أو يقدر بنفس ، أي لا تختبئ من الحساب نفس أي أحد ، ولا يلتبس كافر بمؤمن ، ولا بار بفاجر .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18يومئذ تعرضون مستأنفة ، أو هي بيان لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فيومئذ وقعت الواقعة ، أو بدل اشتمال منها .
و ( منكم ) صفة ل ( خافية ) قدمت عليه فتكون حالا .
وتكرير ( يومئذ ) أربع مرات لتهويل ذلك اليوم الذي مبدؤه النفخ في الصور ثم يعقبه ما بعده مما ذكر في الجمل بعده ، فقد جرى ذكر ذلك اليوم خمس مرات ؛ لأن
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فيومئذ وقعت الواقعة تكرير ل ( إذا ) من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13فإذا نفخ في الصور ؛ إذ تقدير المضاف إليه في ( يومئذ ) هو مدلول جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13فإذا نفخ في الصور ، فقد ذكر زمان النفخ أولا وتكرر ذكره بعد ذلك أربع مرات .
وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18لا تخفى بمثناة فوقية . وقرأه
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وخلف بالتحتية لأن تأنيث ( خافية ) غير حقيقي ، مع وقوع الفصل بين الفعل وفاعله .
[ ص: 124 ] nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=29040_30293_30296فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=14وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ الْفَاءُ لِتَفْرِيعِ مَا بَعْدَهَا عَلَى التَّهْوِيلِ الَّذِي صُدِّرَتْ بِهِ السُّورَةُ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=1الْحَاقَّةُ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=2مَا الْحَاقَّةُ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=3وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ فَعَلِمَ أَنَّهُ تَهْوِيلٌ لِأَمْرِ الْعَذَابِ الَّذِي هُدِّدَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَمْثَالِ مَا نَالَ أَمْثَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا . وَمِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ الَّذِي يَنْتَظِرُهُمْ ، فَلَمَّا أَتَمَّ تَهْدِيدَهُمْ بِعَذَابِ الدُّنْيَا فَرَّعَ عَلَيْهِ إِنْذَارَهُمْ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ الَّذِي يَحِلُّ عِنْدَ الْقَارِعَةِ الَّتِي كَذَّبُوا بِهَا كَمَا كَذَّبَتْ بِهَا ثَمُودُ وَعَادٌ ، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا بَيَانٌ لِلْقَارِعَةِ بِأَنَّهَا سَاعَةُ الْبَعْثِ وَهِيَ الْوَاقِعَةُ .
وَالصُّورُ : قَرْنُ ثَوْرٍ يُقْعَرُ وَيُجْعَلُ فِي دَاخِلِهِ سِدَادٌ يَسُدُّ بَعْضَ فَرَاغِهِ حَتَّى إِذَا نَفَخَ فِيهِ نَافِخٌ انْضَغَطَ الْهَوَاءُ فَصَوَّتَ صَوْتًا قَوِيًّا ، وَكَانَتِ الْجُنُودُ تَتَّخِذُهُ لِنِدَاءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عِنْدَ إِرَادَةِ النَّفِيرِ أَوِ الْهُجُومِ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=73وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
nindex.php?page=treesubj&link=30293وَالنَّفْخُ فِي الصُّورِ : عِبَارَةٌ عَنْ أَمْرِ التَّكْوِينِ بِإِحْيَاءِ الْأَجْسَادِ لِلْبَعْثِ مِثْلُ الْإِحْيَاءِ بِنِدَاءِ طَائِفَةِ الْجُنْدِ الْمُكَلَّفَةِ بِالْأَبْوَاقِ لِنِدَاءِ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ حَيْثُ لَا يَتَأَخَّرُ جُنْدِيٌّ عَنِ الْحُضُورِ إِلَى مَوْضِعِ الْمُنَادَاةِ ، وَقَدْ يَكُونُ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ مَوْجُودٌ يُصَوِّتُ صَوْتًا مُؤَثِّرًا .
وَ ( نَفْخَةٌ ) : مَصْدَرُ نَفَخَ مُقْتَرِنٍ بِهَاءٍ دَالَّةٍ عَلَى الْمَرَّةِ ، أَيِ الْوَحْدَةِ فَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ ، أَوْ تَقَعُ عَلَى النِّيَابَةِ عَنِ الْفَاعِلِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ فَاعِلَ النَّفْخِ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالنَّفْخِ فِي الصُّورِ وَهُوَ إِسْرَافِيلُ .
وَوَصْفُ ( نَفْخَةٌ ) بِ ( وَاحِدَةٌ ) تَأْكِيدٌ لِإِفَادَةِ الْوَحْدَةِ مِنْ صِيغَةِ الْفَعْلَةِ تَنْصِيصًا عَلَى الْوَحْدَةِ الْمُفَادَةِ مِنَ التَّاءِ .
وَالتَّنْصِيصُ عَلَى هَذَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى التَّعْجِيبِ مِنْ تَأَثُّرِ جَمِيعِ الْأَجْسَادِ الْبَشَرِيَّةِ
[ ص: 125 ] بِنَفْخَةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ تَكْرِيرٍ تَعْجِيبًا عَنْ عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ وَنُفُوذِ أَمْرِهِ ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ مِنْ مَبْدَأِ السُّورَةِ تَهْوِيلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتَعْدَادُ أَهْوَالِهِ مَقْصُودٌ ، وَلِأَجْلِ الْقَصْدِ إِلَيْهِ هُنَا لَمْ يُذْكَرْ وَصْفُ ( وَاحِدَةٌ ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ فِي سُورَةِ الرُّومِ .
فَحَصَلَ مِنْ ذِكْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ تَأْكِيدُ مَعْنَى النَّفْخِ وَتَأْكِيدُ مَعْنَى الْوَحْدَةِ ، وَهَذَا يُبَيِّنُ مَا رُوِيَ عَنْ صَاحِبِ الْكَشَّافِ فِي تَقْرِيرِهِ بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ نَقَلَهُ
الطِّيبِيُّ ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوَصْفِهَا بِ ( وَاحِدَةٌ ) أَنَّهَا غَيْرُ مُتْبَعَةٍ بِثَانِيَةٍ فَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى أَنَّهُمَا نَفْخَتَانِ ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ حُصُولُ الْمُرَادِ مِنْهَا إِلَى تَكَرُّرِهَا كِنَايَةً عَنْ سُرْعَةِ وُقُوعِ الْوَاقِعَةِ ، أَيْ يَوْمِ الْوَاقِعَةِ .
وَأَمَّا ذِكْرُ كَلِمَةِ ( نَفْخَةٌ ) فَلِيَتَأَتَّى إِجْرَاءُ وَصْفِ الْوَحْدَةِ عَلَيْهَا فَذِكْرُ ( نَفْخَةٌ ) تَبَعٌ غَيْرُ مَسُوقٍ لَهُ الْكَلَامُ فَتَكُونُ هَذِهِ النَّفْخَةُ هِيَ الْأُولَى وَهِيَ الْمُؤْذِنَةُ بِانْقِرَاضِ الدُّنْيَا ثُمَّ تَقَعُ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ بَعْثِ الْأَمْوَاتِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=14وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ إِلَخْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ؛ لِأَنَّ دَكَّ الْأَرْضِ وَالْجِبَالِ قَدْ يَحْصُلُ قَبْلَ النَّفْخِ فِي الصُّورِ لِأَنَّ بِهِ فَنَاءَ الدُّنْيَا .
وَمَعْنَى ( حُمِلَتْ ) : أَنَّهَا أُزِيلَتْ مِنْ أَمَاكِنِهَا بِأَنْ أُبْعِدَتِ الْأَرْضُ بِجِبَالِهَا عَنْ مَدَارِهَا الْمُعْتَادِ فَارْتَطَمَتْ بِأَجْرَامٍ أُخْرَى فِي الْفَضَاءِ فَدُكَّتَا ، فَشُبِّهَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ بِحَمْلِ الْحَامِلِ شَيْئًا لِيُلْقِيَهُ عَلَى الْأَرْضِ ، مِثْلُ حَمْلِ الْكُرَةِ بَيْنَ الْلَّاعِبِينَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ
nindex.php?page=treesubj&link=29747الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِنَقْضِ نِظَامَ الْعَالَمِ فِي الْكُرَةِ الْأَرْضِيَّةِ بِإِبْعَادِهَا عَنْ مَدَارِهَا مُشَبَّهًا بِالْحَمْلِ وَذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ اخْتِلَالِ الْجَاذِبِيَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِحِفْظِ نِظَامَ الْعَالَمِ إِلَى أَمَدٍ مَعْلُومٍ لِلَّهِ تَعَالَى .
وَالدَّكُّ : دَقٌّ شَدِيدٌ يَكْسِرُ الشَّيْءَ الْمَدْقُوقَ ، أَيْ فَإِذَا فُرِّقَتْ أَجْزَاءُ الْأَرْضِ وَأَجْزَاءُ جِبَالِهَا .
وَبُنِيَتْ أَفْعَالُ ( نُفِخَ ، وَحُمِلَتْ ، وَدُكَّتَا ) لِلْمَجْهُولِ ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مُتَعَلِّقٌ بِبَيَانِ الْمَفْعُولِ لَا الْفَاعِلِ ، وَفَاعِلُ تِلْكَ الْأَفْعَالِ إِمَّا الْمَلَائِكَةُ أَوْ مَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ ، وَالْكُلُّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ .
[ ص: 126 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جَوَابِ ( إِذَا ) ، أَعْنِي قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ ( فَيَوْمَئِذٍ ) فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ إِلَخْ ؛ لِأَنَّ تَنْوِينَ ( يَوْمَئِذٍ ) عِوَضٌ عَنْ جُمْلَةٍ تَدَلُّ عَلَيْهَا جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13نُفِخَ فِي الصُّورِ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=14دَكَّةً وَاحِدَةً ، أَيْ فَيَوْمُ إِذْ نُفِخَ فِي الصُّورِ إِلَى آخِرِهِ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ، وَهُوَ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ بِمُرَادِفِ الْمُؤَكَّدِ ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِ ( يَوْمَ ) مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ، مُطْلَقُ الزَّمَانِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي وُقُوعِهِ مُضَافًا إِلَى ( إِذَا ) .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ تَحَقُّقُ مَا كَانَ مُتَوَقَّعًا وُقُوعُهُ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُتَوَعَّدُونَ بِوَاقِعَةٍ عَظِيمَةٍ فَيَوْمَئِذٍ يَتَحَقَّقُ مَا كَانُوا يُتَوَعَّدُونَ بِهِ .
فَعَبَّرَ عَنْهُ بِفِعْلِ الْمُضِيِّ تَنْبِيهًا عَلَى تَحْقِيقِ حُصُولِهِ .
وَالْمَعْنَى : فَحِينَئِذٍ تَقَعُ الْوَاقِعَةُ .
وَالْوَاقِعَةُ : مُرَادِفَةٌ لِلْحَاقَّةِ وَالْقَارِعَةِ ، فَذِكْرُهَا إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِزِيَادَةِ التَّهْوِيلِ وَإِفَادَةِ مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي تُنْبِئُ عَنْهَا مَوَارِدُ اشْتِقَاقِ أَوْصَافِ الْحَاقَّةِ وَالْقَارِعَةِ وَالْوَاقِعَةِ .
وَ ( الْوَاقِعَةُ ) صَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ فِي اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْبَعْثِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ .
وَفِعْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=37انْشَقَّتِ السَّمَاءُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13نُفِخَ فِي الصُّورِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِشَرْطِ ( إِذَا ) ، وَتَأْخِيرُ عَطْفِهِ لِأَجْلِ مَا اتَّصَلَ بِهَذَا الْانْشِقَاقِ مَنْ وَصْفِ الْمَلَائِكَةِ الْمُحِيطِينَ بِهَا ، وَمِنْ ذِكْرِ الْعَرْشِ الَّذِي يُحِيطُ بِالسَّمَاوَاتِ وَذِكْرِ حَمَلَتِهِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً فِي مَوْضِعِ الْحَالِ بِتَقْدِيرِ : وَقَدِ انْشَقَّتِ السَّمَاءُ .
وَانْشِقَاقُ السَّمَاءِ : مُطَاوَعَتُهَا لِفِعْلِ الشَّقِّ ، وَالشَّقُّ : فَتْحُ مَنَافِذَ فِي مُحِيطِهَا ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=25وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=26الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا .
ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=37فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَيْنُهُ .
[ ص: 127 ] وَحَقِيقَةُ ( وَاهِيَةٌ ) ضَعِيفَةٌ وَمُتَفَرِّقَةٌ ، وَيُسْتَعَارُ الْوَهْيُ لِلسُّهُولَةِ وَعَدَمِ الْمُمَانَعَةِ ، يُقَالُ : وَهَى عَزْمُهُ ، إِذَا تَسَامَحَ وَتَسَاهَلَ ، وَفِي الْمَثَلِ " أَوْهَى مِنْ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ " يُضْرَبُ لِعَدَمِ نُهُوضِ الْحُجَّةِ .
وَتَقْيِيدُهُ بِ ( يَوْمَئِذٍ ) أَنَّ الْوَهْيَ طَرَأَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ صُلْبَةً بِتَمَاسُكِ أَجْزَائِهَا وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ بِالرَّتْقِ كَمَا عَبَّرَ عَنِ الشَّقِّ بِالْفَتْقِ ، أَيْ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَطْرُوقَةٌ مَسْلُوكَةٌ .
وَالْوَهْيُ قَرِيبٌ مِنَ الْوَهْنِ ، وَالْأَكْثَرُ أَنَّ الْوَهْيَ يُوصَفُ بِهِ الْأَشْيَاءُ غَيْرُ الْعَاقِلَةِ ، وَالْوَهْنُ يُوصَفُ بِهِ النَّاسُ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهَا صُعُودًا وَنُزُولًا خِلَافًا لِحَالِهَا مِنْ قَبْلُ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=37فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ، حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فَهِيَ ، أَيْ يَوْمَئِذٍ الْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا .
وَالْمَلَكُ : أَصْلُهُ الْوَاحِدُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، وَتَعْرِيفُهُ هُنَا تَعْرِيفُ الْجِنْسِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ ، أَيْ جِنْسِ الْمَلَكِ ، أَيْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ إِذَا أُرِيدَ الْاسْتِغْرَاقُ ، وَاسْتِغْرَاقُ الْمُفْرَدِ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الشُّمُولِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْكِتَابُ أَكْثَرُ مِنَ الْكُتُبِ ، وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي .
وَضَمِيرُ ( أَرْجَائِهَا ) عَائِدٌ إِلَى السَّمَاءِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29747الْمَلَائِكَةَ يَعْمَلُونَ فِي نَوَاحِي السَّمَاءِ يُنَفِّذُونَ إِنْزَالَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِالْجَنَّةِ وَسَوْقَ أَهْلِ النَّارِ إِلَى النَّارِ .
وَعَرْشُ الرَّبِّ : اسْمٌ لِمَا يُحِيطُ بِالسَّمَاوَاتِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ .
وَالْمُرَادُ
nindex.php?page=treesubj&link=29747_29657بِالثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ : ثَمَانِيَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَقِيلَ : ثَمَانِيَةُ شُخُوصٍ ، وَقِيلَ : ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ ، وَقِيلَ ثَمَانِيَةُ أَعْشَارٍ ، أَيْ نَحْوُ ثَمَانِينَ مِنْ مَجْمُوعِ عَدَدِ الْمَلَائِكَةِ ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ . وَهَذَا مِنْ أَحْوَالِ الْغَيْبِ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ
[ ص: 128 ] بِتَفْصِيلِهَا ، إِذِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ تَمْثِيلُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقْرِيبُ ذَلِكَ إِلَى الْأَفْهَامِ كَمَا قَالَ فِي غَيْرِ آيَةٍ .
وَلَعَلَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِشَارَةِ إِلَى مَا زَادَ عَلَى الْمَوْعِظَةِ ، هُوَ تَعْلِيمُ اللَّهِ نَبِيئَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَحْوَالِ بِطَرِيقَةٍ رَمْزِيَّةٍ يَفْتَحُ عَلَيْهِ بِفَهْمِ تَفْصِيلِهَا وَلَمْ يُرِدْ تَشْغِيلَنَا بِعِلْمِهَا .
وَكَأَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى ذِكْرِهِمْ إِجْمَالًا هُوَ الْانْتِقَالُ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنْ عَرْشِ اللَّهِ ؛ لِئَلَّا يَكُونَ ذِكْرُهُ اقْتِضَابًا بَعْدَ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثًا ذَكَرَ فِيهِ أَبْعَادَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ ، وَفِي ذِكْرِ جُمْلَةِ الْعَرْشِ رُمُوزٌ سَاقَهَا
التِّرْمِذِيُّ مَسَاقَ التَّفْسِيرِ لِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَأَحَدُ رُوَاتِهِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13669الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : لَا نَعْلَمُ لَهُ سَمَاعًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13669الْأَحْنَفِ .
وَهُنَالِكَ أَخْبَارٌ غَيْرُ حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ لَا يُعْبَأُ بِهَا ، وَقَالَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِيهَا : إِنَّهَا مُتَلَفَّقَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ مِنْ شِعْرٍ
nindex.php?page=showalam&ids=12467لِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ ، وَلَمْ يَصِحَّ أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُنْشِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَصَدَّقَهُ . اهـ .
وَضَمِيرُ ( فَوْقَهُمْ ) يَعُودُ إِلَى الْمَلَكِ .
وَيَتَعَلَّقُ ( فَوْقَهُمْ ) بِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ( يَحْمِلُ ) مِنْ كَوْنِ الْعَرْشِ عَالِيًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَيْدَيْنِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ .
وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَإِضَافَةُ عَرْشٍ إِلَى اللَّهِ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ مِثْلُ إِضَافَةِ
الْكَعْبَةِ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ الْآيَةَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28728وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنِ السُّكْنَى فِي بَيْتٍ .
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ ( تُعْرَضُونَ ) لِجَمِيعِ النَّاسِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ التَّفْصِيلِ .
وَالْعَرْضُ : أَصْلُهُ إِمْرَارُ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ التَّأَمُّلَ مِنْهَا مِثْلُ عَرْضِ السِّلْعَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَرْضِ الْجَيْشِ عَلَى أَمِيرِهِ وَأُطْلِقَ هُنَا كِنَايَةً عَنْ لَازِمِهِ وَهُوَ الْمُحَاسَبَةُ مَعَ جَوَازِ إِرَادَةِ الْمَعْنَى الصَّرِيحِ .
[ ص: 129 ] وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ : لَا تَخْفَى عَلَى اللَّهِ وَلَا عَلَى مَلَائِكَتِهِ . وَتَأْنِيثُ ( خَافِيَةٌ ) لِأَنَّهُ وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ مُؤَنَّثٍ يُقَدَّرُ بِالْفَعْلَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ ، أَوْ يُقَدَّرُ بِنَفْسٍ ، أَيْ لَا تَخْتَبِئُ مِنَ الْحِسَابِ نَفْسُ أَيِّ أَحَدٍ ، وَلَا يَلْتَبِسُ كَافِرٌ بِمُؤْمِنٍ ، وَلَا بَارٌّ بِفَاجِرٍ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ ، أَوْ هِيَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ، أَوْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْهَا .
وَ ( مِنْكُمْ ) صِفَةٌ لِ ( خَافِيَةٌ ) قُدِّمَتْ عَلَيْهِ فَتَكُونُ حَالًا .
وَتَكْرِيرُ ( يَوْمَئِذٍ ) أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِتَهْوِيلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي مَبْدَؤُهُ النَّفْخُ فِي الصُّورِ ثُمَّ يَعْقُبُهُ مَا بَعْدَهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْجُمَلِ بَعْدَهُ ، فَقَدْ جَرَى ذِكْرُ ذَلِكَ الْيَوْمِ خَمْسَ مَرَّاتٍ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ تَكْرِيرٌ لِ ( إِذَا ) مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ؛ إِذْ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ فِي ( يَوْمَئِذٍ ) هُوَ مَدْلُولُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ، فَقَدْ ذُكِرَ زَمَانُ النَّفْخِ أَوَّلًا وَتَكَرَّرَ ذِكْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18لَا تَخْفَى بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ . وَقَرَأَهُ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِالتَّحْتِيَّةِ لِأَنَّ تَأْنِيثَ ( خَافِيَةٌ ) غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ، مَعَ وُقُوعِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَفَاعِلِهِ .