nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=29040_28904فلا أقسم بما تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=39وما لا تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40إنه لقول رسول كريم nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43تنزيل من رب العالمين الفاء هنا لتفريع إثبات أن القرآن منزل من عند الله ونفي ما نسبه المشركون
[ ص: 141 ] إليه ، تفريعا على ما اقتضاه تكذيبهم بالبعث من التعريض بتكذيب القرآن الذي أخبر بوقوعه ، وتكذيبهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - القائل إنه موحى به إليه من الله تعالى .
وابتدئ الكلام بالقسم تحقيقا لمضمونه على طريقة
nindex.php?page=treesubj&link=28904الإقسام الواردة في القرآن ، وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1والصافات صفا .
وضمير ( أقسم ) عائد إلى الله تعالى .
جمع الله في هذا القسم كل ما الشأن أن يقسم به من الأمور العظيمة من صفات الله تعالى ومن مخلوقاته الدالة على عظيم قدرته إذ يجمع ذلك كله الصلتان
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=38بما تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=39وما لا تبصرون ، فمما يبصرون : الأرض والجبال والبحار والنفوس البشرية والسماوات والكواكب ، وما لا يبصرون : الأرواح والملائكة وأمور الآخرة .
و لا أقسم صيغة تحقيق قسم ، وأصلها أنها امتناع من القسم امتناع تحرج من أن يحلف بالمقسم به خشية الحنث ، فشاع استعمال ذلك في كل قسم يراد تحقيقه ، واعتبر حرف ( لا ) كالمزيد كما تقدم عند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=75فلا أقسم بمواقع النجوم في سورة الواقعة ، ومن المفسرين من جعل حرف ( لا ) في هذا القسم إبطالا لكلام سابق وأن فعل ( أقسم ) بعدها مستأنف ، ونقض هذا بوقوع مثله في أوائل السور مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لا أقسم بيوم القيامة و
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=1لا أقسم بهذا البلد .
وضمير ( إنه ) عائد إلى القرآن المفهوم من ذكر الحشر والبعث ، فإن ذلك مما جاء به القرآن ومجيئه بذلك من أكبر أسباب تكذيبهم به ، على أن إرادة القرآن من ضمائر الغيبة التي لا معاد لها قد تكرر غير مرة فيه .
وتأكيد الخبر بحرف ( إن ) واللام للرد على الذين كذبوا أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=32238_30542القرآن من كلام الله ونسبوه إلى غير ذلك .
والمراد بالرسول الكريم
محمد - صلى الله عليه وسلم - كما يقتضيه عطف قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=44ولو تقول علينا بعض الأقاويل ، وهذا كما وصف
موسى ب
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40رسول كريم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=17ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم .
وإضافة ( قول ) إلى ( رسول ) ؛ لأنه الذي بلغه فهو قائله ، والإضافة لأدنى ملابسة وإلا فالقرآن جعله الله تعالى وأجراه على لسان النبيء - صلى الله عليه وسلم - ، كما صدر من
جبريل بإيحائه بواسطته قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فإنما يسرناه بلسانك .
[ ص: 142 ] روى
مقاتل أن سبب نزولها : أن
أبا جهل قال : إن
محمدا شاعر ، وأن
عقبة بن أبي معيط قال : هو كاهن ، فقال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40إنه لقول رسول كريم الآية .
ويجوز أن يراد ب
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40رسول كريم جبريل - عليه السلام - كما أريد به في سورة التكوير ؛ إذ الظاهر أن المراد به هنالك
جبريل كما يأتي .
وفي لفظ ( رسول ) إيذان بأن القول قول مرسله ، أي الله تعالى . وقد أكد هذا المعنى بقوله عقبه
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43تنزيل من رب العالمين .
ووصف الرسول ب ( كريم ) ؛ لأنه الكريم في صنفه ، أي النفيس الأفضل مثل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=29إني ألقي إلي كتاب كريم في سورة النمل .
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=28753_29638أثبت للرسول - صلى الله عليه وسلم - الفضل على غيره من الرسل بوصف ( كريم ) ، ونفي أن يكون شاعرا أو كاهنا بطريق الكناية عند قصد رد أقوالهم .
وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42ولا بقول كاهن على جملة الخبر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41بقول شاعر ، و ( لا ) النافية تأكيد لنفي ( ما ) .
وكني بنفي أن يكون قول شاعر ، أو قول كاهن عن تنزيه النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن أن يكون شاعرا أو كاهنا ، ردا لقولهم : هو شاعر أو هو كاهن .
وإنما خص هذان بالذكر دون قولهم : افتراه ، أو هو مجنون ؛ لأن الوصف بكريم كاف في نفي أن يكون مجنونا أو كاذبا إذ ليس المجنون ولا الكاذب بكريم ، فأما الشاعر والكاهن فقد كانا معدودين عندهم من أهل الشرف .
والمعنى : ما هو قول شاعر ولا قول كاهن تلقاه من أحدهما ونسبه إلى الله تعالى .
و قليلا في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41قليلا ما تؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42قليلا ما تذكرون مراد به انتفاء ذلك من أصله على طريقة التمليح القريب من التهكم كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46فلا يؤمنون إلا قليلا ، وهو أسلوب عربي ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
أنيحت ألقت بلدة فوق بلـدة قليل بها الأصوات إلا بغامها
فإن استثناء بغام راحلته دال على أنه أراد من " قليل " عدم الأصوات .
[ ص: 143 ] والمعنى : لا تؤمنون ولا تذكرون ، أي عندما تقولون هو شاعر وهو مجنون ، ولا نظر إلى إيمان من آمن منهم من بعد . وقد تقدم في سورة البقرة قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88فقليلا ما يؤمنون .
وانتصب ( قليلا ) في الموضعين على الصفة لمصدر محذوف يدل عليه ( تؤمنون ) و ( تذكرون ) ، أي تؤمنون إيمانا قليلا ، وتذكرون تذكرا قليلا .
و ( ما ) مزيدة للتأكيد كقول
حاتم الطائي :
قليلا به ما يحمـدنـك وارث إذا نال مما كنت تجمع مغنما
وجملتا
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41قليلا ما تؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42قليلا ما تذكرون معترضتان ، أي انتفى أن يكون قول شاعر ، وانتفى أن يكون قول كاهن ، وهذا الانتفاء لا يحصل إيمانكم ولا تذكركم ؛ لأنكم أهل عناد .
وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41ما تؤمنون ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42ما تذكرون كليهما بالمثناة الفوقية ، وقرأهما
ابن كثير وهشام عن
ابن عامر - واختلف الرواة عن
ابن ذكوان عن
ابن عامر -
ويعقوب بالياء التحتية على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة ، وحسن ذلك كونهما معترضتين .
وأوثر نفي الإيمان عنهم في جانب انتفاء أن يكون قول شاعر ، ونفي التذكر في جانب انتفاء أن يكون قول كاهن ؛ لأن نفي كون القرآن قول شاعر بديهي ؛ إذ ليس فيه ما يشبه الشعر من اتزان أجزائه في المتحرك والساكن والتقفية المتماثلة في جميع أواخر الأجزاء ، فادعاؤهم أنه قول شاعر بهتان متعمد ينادي على أنهم لا يرجى إيمانهم ، وأما انتفاء كون القرآن قول كاهن فمحتاج إلى أدنى تأمل إذ قد يشتبه في بادئ الرأي على السامع من حيث إنه كلام منثور مؤلف على فواصل ، ويؤلف كلام الكهان على أسجاع مثناة متماثلة زوجين زوجين ، فإذا تأمل السامع فيه بأدنى تفكر في نظمه ومعانيه علم أنه ليس بقول كاهن ، فنظمه مخالف لنظم كلام الكهان ؛ إذ ليست فقراته قصيرة ولا فواصله مزدوجة ملتزم فيها السجع ، ومعانيه ليست من معاني الكهانة الرامية إلى الإخبار عما يحدث لبعض الناس من أحداث ، أو ما يلم بقوم من مصائب متوقعة ليحذروها ، فلذلك كان المخاطبون بالآية منتفيا عنهم التذكر والتدبر ، وإذا بطل هذا وذاك بطل مدعاهم فحق أنه تنزيل من رب العالمين كما ادعاه الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم .
[ ص: 144 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43تنزيل من رب العالمين خبر ثان عن اسم ( إن ) وهو تصريح بعد الكناية .
ولك أن تجعل
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43تنزيل من رب العالمين خبر مبتدأ محذوف جرى حذفه على النوع الذي سماه
السكاكي بمتابعة الاستعمال في أمثاله وهو كثير في الكلام البليغ ، وتجعل الجملة استئنافا بيانيا ؛ لأن القرآن لما وصف بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40لقول رسول كريم ونفى عنه أن يكون قول شاعر أو قول كاهن ، ترقب السامع معرفة كنهه ، فبين بأنه منزل من رب العالمين على الرسول الكريم ليقوله للناس ويتلوه عليهم .
و ( تنزيل ) وصف بالمصدر للمبالغة .
والمعنى : إنه منزل من رب العالمين على الرسول الكريم .
وعبر عن الجلالة بوصف
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43رب العالمين دون اسمه العلم للتنبيه على أنه رب المخاطبين ورب الشعراء والكهان الذين كانوا بمحل التعظيم والإعجاب عندهم نظير قول
موسى لفرعون
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=26ربكم ورب آبائكم الأولين .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=29040_28904فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=39وَمَا لَا تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40إِنَّهُ لِقَوْلِ رَسُولٍ كَرِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَّكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْفَاءُ هُنَا لِتَفْرِيعِ إِثْبَاتِ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَنَفْيِ مَا نَسَبَهُ الْمُشْرِكُونَ
[ ص: 141 ] إِلَيْهِ ، تَفْرِيعًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ تَكْذِيبُهُمْ بِالْبَعْثِ مِنَ التَّعْرِيضِ بِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ الَّذِي أَخْبَرَ بِوُقُوعِهِ ، وَتَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَائِلَ إِنَّهُ مُوحًى بِهِ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَابْتُدِئَ الْكَلَامُ بِالْقَسَمِ تَحْقِيقًا لِمَضْمُونِهِ عَلَى طَرِيقَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=28904الْإِقْسَامِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1وَالصَّافَّاتِ صَفًّا .
وَضَمِيرُ ( أُقْسِمُ ) عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .
جَمَعَ اللَّهُ فِي هَذَا الْقَسَمِ كُلَّ مَا الشَّأْنُ أَنْ يُقْسَمَ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ إِذْ يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ الصِّلَتَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=38بِمَا تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=39وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ، فَمِمَّا يُبْصِرُونَ : الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَالْبِحَارُ وَالنُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ وَالسَّمَاوَاتُ وَالْكَوَاكِبُ ، وَمَا لَا يُبْصِرُونَ : الْأَرْوَاحُ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُمُورُ الْآخِرَةِ .
وَ لَا أُقْسِمُ صِيغَةُ تَحْقِيقِ قِسْمٍ ، وَأَصْلُهَا أَنَّهَا امْتِنَاعٌ مِنَ الْقَسَمِ امْتِنَاعَ تَحَرُّجٍ مِنْ أَنْ يَحْلِفَ بِالْمُقْسَمِ بِهِ خَشْيَةَ الْحِنْثِ ، فَشَاعَ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ فِي كُلِّ قَسَمٍ يُرَادُ تَحْقِيقُهُ ، وَاعْتُبِرَ حَرْفُ ( لَا ) كَالْمَزِيدِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=75فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ ، وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ جَعَلَ حَرْفُ ( لَا ) فِي هَذَا الْقَسَمِ إِبْطَالًا لِكَلَامٍ سَابِقٍ وَأَنَّ فِعْلَ ( أُقْسِمُ ) بَعْدَهَا مُسْتَأْنَفٌ ، وَنُقِضَ هَذَا بِوُقُوعِ مِثْلِهِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ مِثْلُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=1لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ .
وَضَمِيرُ ( إِنَّهُ ) عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ الْمَفْهُومِ مَنْ ذِكْرِ الْحَشْرِ وَالْبَعْثِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَمَجِيئُهُ بِذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ تَكْذِيبِهِمْ بِهِ ، عَلَى أَنَّ إِرَادَةَ الْقُرْآنِ مِنْ ضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ الَّتِي لَا مَعَادَ لَهَا قَدْ تَكَرَّرَ غَيْرَ مَرَّةٍ فِيهِ .
وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِحَرْفِ ( إِنَّ ) وَالْلَّامِ لِلرَّدِّ عَلَى الَّذِينَ كَذَّبُوا أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=32238_30542الْقُرْآنُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَنَسَبُوهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ .
وَالْمُرَادُ بِالرَّسُولِ الْكَرِيمِ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَقْتَضِيهِ عَطْفُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=44وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ، وَهَذَا كَمَا وُصِفَ
مُوسَى بِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40رَسُولٍ كَرِيمٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=17وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ .
وَإِضَافَةُ ( قَوْلُ ) إِلَى ( رَسُولٍ ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بَلَّغَهُ فَهُوَ قَائِلُهُ ، وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَإِلَّا فَالْقُرْآنُ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، كَمَا صَدَرَ مِنْ
جِبْرِيلَ بِإِيحَائِهِ بِوَاسِطَتِهِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ .
[ ص: 142 ] رَوَى
مُقَاتِلٌ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا : أَنَّ
أَبَا جَهْلٍ قَالَ : إِنَّ
مُحَمَّدًا شَاعِرٌ ، وَأَنَّ
عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ قَالَ : هُوَ كَاهِنٌ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ الْآيَةَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40رَسُولٍ كَرِيمٍ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا أُرِيدَ بِهِ فِي سُورَةِ التَّكْوِيرِ ؛ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَالِكَ
جِبْرِيلُ كَمَا يَأْتِي .
وَفِي لَفْظِ ( رَسُولٍ ) إِيذَانٌ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُرْسِلِهِ ، أَيِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَدْ أُكِّدَ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ عَقِبَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وَوَصْفُ الرَّسُولِ بِ ( كَرِيمٍ ) ؛ لِأَنَّهُ الْكَرِيمُ فِي صِنْفِهِ ، أَيِ النَّفِيسُ الْأَفْضَلُ مِثْلُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=29إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ فِي سُورَةِ النَّمْلِ .
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=28753_29638أُثْبِتَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَضْلُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الرُّسُلِ بِوَصْفِ ( كَرِيمٍ ) ، وَنَفْيِ أَنْ يَكُونَ شَاعِرًا أَوْ كَاهِنًا بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ عِنْدَ قَصْدِ رَدِّ أَقْوَالِهِمْ .
وَعَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ عَلَى جُمْلَةِ الْخَبَرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41بِقَوْلِ شَاعِرٍ ، وَ ( لَا ) النَّافِيَةُ تَأْكِيدٌ لِنَفْيِ ( مَا ) .
وَكُنِّيَ بِنَفْيِ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ شَاعِرٍ ، أَوْ قَوْلَ كَاهِنٍ عَنْ تَنْزِيهِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنْ يَكُونَ شَاعِرًا أَوْ كَاهِنًا ، رَدًّا لِقَوْلِهِمْ : هُوَ شَاعِرٌ أَوْ هُوَ كَاهِنٌ .
وَإِنَّمَا خُصَّ هَذَانِ بِالذِّكْرِ دُونَ قَوْلِهِمْ : افْتَرَاهُ ، أَوْ هُوَ مَجْنُونٌ ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِكَرِيمٍ كَافٍ فِي نَفْيِ أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا أَوْ كَاذِبًا إِذْ لَيْسَ الْمَجْنُونُ وَلَا الْكَاذِبُ بِكَرِيمٍ ، فَأَمَّا الشَّاعِرُ وَالْكَاهِنُ فَقَدْ كَانَا مَعْدُودَيْنِ عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّرَفِ .
وَالْمَعْنَى : مَا هُوَ قَوْلُ شَاعِرٍ وَلَا قَوْلُ كَاهِنٍ تَلَقَّاهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَنَسَبَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .
وَ قَلِيلًا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ مُرَادٌ بِهِ انْتِفَاءُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْلِيحِ الْقَرِيبِ مِنَ التَّهَكُّمِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ، وَهُوَ أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذُو الرُّمَّةِ :
أُنِيحَتْ أَلْقَتْ بَلْدَةً فَوْقَ بَلْـدَةٍ قَلِيلٍ بِهَا الْأَصْوَاتُ إِلَّا بُغَامُهَا
فَإِنَّ اسْتِثْنَاءَ بُغَامِ رَاحِلَتِهِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ " قَلِيلٍ " عَدَمَ الْأَصْوَاتِ .
[ ص: 143 ] وَالْمَعْنَى : لَا تُؤْمِنُونَ وَلَا تَذَكَّرُونَ ، أَيْ عِنْدَمَا تَقُولُونَ هُوَ شَاعِرٌ وَهُوَ مَجْنُونٌ ، وَلَا نَظَرَ إِلَى إِيمَانِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدُ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ .
وَانْتَصَبَ ( قَلِيلًا ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الصِّفَةِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ( تُؤْمِنُونَ ) وَ ( تَذَكَّرُونَ ) ، أَيْ تُؤْمِنُونَ إِيمَانًا قَلِيلًا ، وَتَذَكَّرُونَ تَذَكُّرًا قَلِيلًا .
وَ ( مَا ) مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِ
حَاتِمٍ الطَّائِيِّ :
قَلِيلًا بِهِ مَا يَحْمَـدُنَّـكَ وَارِثٌ إِذَا نَالَ مِمَّا كُنْتَ تَجْمَعُ مَغْنَمًا
وَجَمُلَتَا
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ مُعْتَرِضَتَانِ ، أَيِ انْتَفَى أَنْ يَكُونَ قَوْلَ شَاعِرٍ ، وَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ قَوْلَ كَاهِنٍ ، وَهَذَا الْانْتِفَاءُ لَا يُحَصِّلُ إِيمَانَكُمْ وَلَا تَذَكُّرَكُمْ ؛ لِأَنَّكُمْ أَهْلُ عِنَادٍ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41مَا تُؤْمِنُونَ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=42مَا تَذَكَّرُونَ كِلَيْهِمَا بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ ، وَقَرَأَهُمَا
ابْنُ كَثِيرٍ وَهِشَامٌ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ - وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنِ
ابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ -
وَيَعْقُوبُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى الْالْتِفَاتِ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ ، وَحَسَّنَ ذَلِكَ كَوْنُهُمَا مُعْتَرِضَتَيْنِ .
وَأُوثِرَ نَفْيُ الْإِيمَانِ عَنْهُمْ فِي جَانِبِ انْتِفَاءِ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ شَاعِرٍ ، وَنَفْيُ التَّذَكُّرِ فِي جَانِبِ انْتِفَاءِ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ كَاهِنٍ ؛ لِأَنَّ نَفْيَ كَوْنِ الْقُرْآنِ قَوْلَ شَاعِرٍ بَدِيهِيٌّ ؛ إِذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يُشْبِهُ الشِّعْرَ مِنِ اتِّزَانِ أَجْزَائِهِ فِي الْمُتَحَرِّكِ وَالسَّاكِنِ وَالتَّقْفِيَةِ الْمُتَمَاثِلَةِ فِي جَمِيعِ أَوَاخِرِ الْأَجْزَاءِ ، فَادِّعَاؤُهُمْ أَنَّهُ قَوْلُ شَاعِرٍ بُهْتَانٌ مُتَعَمَّدٌ يُنَادِي عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُرْجَى إِيمَانُهُمْ ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ كَوْنِ الْقُرْآنِ قَوْلَ كَاهِنٍ فَمُحْتَاجٌ إِلَى أَدْنَى تَأَمُّلٍ إِذْ قَدْ يَشْتَبِهُ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ عَلَى السَّامِعِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَلَامٌ مَنْثُورٌ مُؤَلَّفٌ عَلَى فَوَاصِلَ ، وَيُؤَلَّفُ كَلَامُ الْكُهَّانِ عَلَى أَسْجَاعٍ مُثَنَّاةٍ مُتَمَاثِلَةٍ زَوْجَيْنِ زَوْجَيْنِ ، فَإِذَا تَأَمَّلَ السَّامِعُ فِيهِ بِأَدْنَى تَفَكُّرٍ فِي نَظْمِهِ وَمَعَانِيهِ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ ، فَنَظَمُهُ مُخَالِفٌ لِنَظْمِ كَلَامِ الْكُهَّانِ ؛ إِذْ لَيْسَتْ فَقَرَاتُهُ قَصِيرَةً وَلَا فَوَاصِلُهُ مُزْدَوِجَةً مُلْتَزَمٌ فِيهَا السَّجْعُ ، وَمَعَانِيهِ لَيْسَتْ مِنْ مَعَانِي الْكَهَانَةِ الرَّامِيَةِ إِلَى الْإِخْبَارِ عَمَّا يَحْدُثُ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ أَحْدَاثٍ ، أَوْ مَا يُلِمُّ بِقَوْمٍ مِنْ مَصَائِبَ مُتَوَقَّعَةٍ لِيَحْذَرُوهَا ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْمُخَاطَبُونَ بِالْآيَةِ مُنْتَفِيًا عَنْهُمُ التَّذَكُّرُ وَالتَّدَبُّرُ ، وَإِذَا بَطَلَ هَذَا وَذَاكَ بَطَلَ مُدَعَّاهُمْ فَحَقَّ أَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَمَا ادَّعَاهُ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ .
[ ص: 144 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ خَبَرٌ ثَانٍ عَنِ اسْمِ ( إِنَّ ) وَهُوَ تَصْرِيحٌ بَعْدَ الْكِنَايَةِ .
وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ جَرَى حَذْفُهُ عَلَى النَّوْعِ الَّذِي سَمَّاهُ
السَّكَّاكِيُّ بِمُتَابَعَةِ الْاسْتِعْمَالِ فِي أَمْثَالِهِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ الْبَلِيغِ ، وَتَجْعَلَ الْجُمْلَةَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَمَّا وَصَفَ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=40لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَنَفَى عَنْهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ شَاعِرٍ أَوْ قَوْلَ كَاهِنٍ ، تَرَقَّبَ السَّامِعُ مَعْرِفَةَ كُنْهِهِ ، فَبَيَّنَ بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى الرَّسُولِ الْكَرِيمِ لِيَقُولَهُ لِلنَّاسِ وَيَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ .
وَ ( تَنْزِيلٌ ) وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ .
وَالْمَعْنَى : إِنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى الرَّسُولِ الْكَرِيمِ .
وَعَبَّرَ عَنِ الْجَلَالَةِ بِوَصْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=43رَبِّ الْعَالَمِينَ دُونَ اسْمِهِ الْعَلَمِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ رَبُّ الْمُخَاطَبِينَ وَرَبُّ الشُّعَرَاءِ وَالْكُهَّانِ الَّذِينَ كَانُوا بِمَحَلِّ التَّعْظِيمِ وَالْإِعْجَابِ عِنْدَهُمْ نَظِيرَ قَوْلِ
مُوسَى لِفِرْعَوْنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=26رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ .