الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في المبيت بالمزدلفة وما يتعلق به

                                                                                                                                                                        المزدلفة ، ما بين مأزمي عرفة ، ووادي محسر . وقد سبق أنهم يفيضون [ ص: 99 ] من عرفة بعد الغروب ، فيأتون مزدلفة ، فيجمعون الصلاتين . وينبغي أن يبيتوا بها ، وهذا المبيت ليس بركن . قال أبو عبد الرحمن ابن بنت الشافعي ، وأبو بكر بن خزيمة من أصحابنا : هو ركن . والصحيح : الأول . ثم المبيت نسك . فإن دفع بعد منتصف الليل لعذر ، أو لغيره ، أو دفع قبل نصف الليل ، وعاد قبل طلوع الفجر ، فلا شيء عليه . وإن ترك المبيت من أصله ، أو دفع قبل نصف الليل ، ولم يعد ، أراق دما . وهل هو واجب ، أم مستحب ؟ فيه طرق . أصحها : على قولين كالإفاضة من عرفة قبل الغروب .

                                                                                                                                                                        والثاني : القطع بالإيجاب . والثالث : بالاستحباب .

                                                                                                                                                                        قلت : لو لم يحضر مزدلفة في النصف الأول ، وحضرها ساعة في النصف الثاني ، حصل المبيت ، نص عليه في " الأم " ، وفي قول ضعيف نص عليه في " الإملاء " والقديم : يحصل بساعة بين نصف الليل وطلوع الشمس . وفي قول : يشترط معظم الليل . والأظهر : وجوب الدم بترك المبيت . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        والأولى تقديم النساء والضعفة بعد نصف الليل إلى منى . وأما غيرهم ، فيمكثون حتى يصلوا الصبح بها ، ويغلسون بالصبح . والتغليس هنا ، أشد استحبابا من باقي الأيام .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يستحب أن يأخذوا حصى الجمار من المزدلفة . ولو أخذوا من موضع آخر جاز ، لكن يكره من المسجد والحش والمرمى . وقد قدر المأخوذ وجهان . أحدهما : سبعون حصاة لرمي يوم النحر والتشريق ، قاله في المفتاح وهو ظاهر نصه [ ص: 100 ] في " المختصر " . والثاني : سبع حصيات لرمي يوم النحر فقط ، وبهذا قال الجمهور : ونقلوه عن نصه ، وجعلوه بيانا لما أطلقه في المختصر . وجمع بعضهم بينهما فقال : يستحب الأخذ للجميع ، لكن ليوم النحر أشد . ثم قال الجمهور : يتزودوا الحصى بالليل . وفي " التهذيب " : يتزودوها بعد صلاة الصبح .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية