الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون ( 43 ) قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون ( 44 ) )

يقول - تعالى ذكره - : أم اتخذ هؤلاء المشركون بالله من دونه آلهتهم التي يعبدونها شفعاء تشفع لهم عند الله في حاجاتهم . وقوله : ( قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون ) يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : قل يا محمد لهم : أتتخذون هذه الآلهة شفعاء كما تزعمون ولو كانوا لا يملكون لكم نفعا ولا ضرا ، ولا يعقلون شيئا ، قل لهم : إن تكونوا تعبدونها لذلك ، وتشفع لكم عند الله ، فأخلصوا عبادتكم لله ، وأفردوه بالألوهة ، فإن الشفاعة [ ص: 300 ] جميعا له ، لا يشفع عنده إلا من أذن له ، ورضي له قولا وأنتم متى أخلصتم له العبادة ، فدعوتموه ، وشفعكم ( له ملك السماوات والأرض ) ، يقول : له سلطان السماوات والأرض وملكها . وما تعبدون - أيها المشركون - من دونه له . يقول : فاعبدوا الملك لا المملوك الذي لا يملك شيئا . ( ثم إليه ترجعون ) يقول : ثم إلى الله مصيركم ، وهو معاقبكم على إشراككم به ، إن متم على شرككم .

ومعنى الكلام : لله الشفاعة جميعا ، له ملك السماوات والأرض ، فاعبدوا المالك الذي له ملك السماوات والأرض ، الذي يقدر على نفعكم في الدنيا ، وعلى ضركم فيها ، وعند مرجعكم إليه بعد مماتكم ، فإنكم إليه ترجعون .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أم اتخذوا من دون الله شفعاء ) : الآلهة ( قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ) : الشفاعة .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله : ( قل لله الشفاعة جميعا ) قال : لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية