(
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29042قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فلم يزدهم دعائي إلا فرارا .
جرد فعل ( قال ) هنا من العاطف ؛ لأنه حكاية جواب
نوح عن قول الله له
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=1أنذر قومك عومل معاملة الجواب الذي يتلقى به الأمر على الفور على طريقة المحاورات التي تقدمت في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها في سورة البقرة ، تنبيها على
nindex.php?page=treesubj&link=32022_33953مبادرة نوح بإبلاغ الرسالة إلى قومه وتمام حرصه في ذلك كما أفاده قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5ليلا ونهارا وحصول يأسه منهم ، فجعل مراجعته ربه بعد مهلة مستفادة من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5ليلا ونهارا بمنزلة المراجعة في المقام الواحد بين المتحاورين . ولك أن تجعل جملة قال رب إلخ مستأنفة استئنافا بيانيا ؛ لأن السامع يترقب معرفة ماذا أجاب قوم
نوح دعوته ، فكان في هذه الجملة بيان ما يترقبه السامع مع زيادة مراجعة
نوح ربه تعالى .
وهذا الخبر مستعمل في لازم معناه وهو الشكاية والتمهيد لطلب النصر عليهم ؛ لأن المخاطب به عالم بمدلول الخبر . وذلك ما سيفضي إليه بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا الآيات .
وفائدة حكاية ما ناجى به
نوح ربه إظهار توكله على الله ، وانتصار الله له ، والإتيان على مهمات من العبرة بقصته ، بتلوين لحكاية أقواله وأقوال قومه وقول الله له . وتلك ثمان مقالات هي :
1 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=1أن أنذر قومك إلخ .
2 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=2قال يا قوم إني لكم نذير مبين إلخ .
3 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5قال رب إني دعوت قومي إلخ .
4 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فقلت استغفروا ربكم إلخ .
5 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=21قال نوح رب إنهم عصوني إلخ .
[ ص: 194 ] 6 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24ولا تزد الظالمين إلا ضلالا إلخ .
7 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وقال نوح رب لا تذر على الأرض إلخ .
8 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=28رب اغفر لي إلخ .
وجعل دعوته مظروفة في زمني الليل والنهار للدلالة على عدم الهوادة في حرصه على إرشادهم ، وأنه يترصد الوقت الذي يتوسم أنهم فيه أقرب إلى فهم دعوته منهم في غيره ، من أوقات النشاط وهي أوقات النهار ، ومن أوقات الهدو وراحة البال وهي أوقات الليل .
ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ) أن دعائي لهم بأن يعبدوا الله وبطاعتهم لي لم يزدهم ما دعوتهم إليه إلا بعدا منه ، فالفرار مستعار لقوة الإعراض ، أي : فلم يزدهم دعائي إياهم قربا مما أدعوهم إليه .
واستثناء الفرار من عموم الزيادات استثناء منقطع . والتقدير : فلم يزدهم دعائي قربا من الهدى لكن زادهم فرارا كما في قوله تعالى حكاية عن صالح - عليه السلام -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=63فما تزيدونني غير تخسير .
وإسناد زيادة الفرار إلى الدعاء مجاز ؛ لأن دعاءه إياهم كان سببا في تزايد إعراضهم وقوة تمسكهم بشركهم .
وهذا من الأسلوب المسمى في علم البديع تأكيد المدح بما يشبه الذم ، أو تأكيد الشيء بما يشبه ضده ، وهو هنا تأكيد إعراضهم المشبه بالابتعاد بصورة تشبه ضد الإعراض .
ولما كان فرارهم من التوحيد ثابتا لهم من قبل كان قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فلم يزدهم دعائي إلا فرارا من تأكيد الشيء بما يشبه ضده .
وتصدير كلام
نوح بالتأكيد لإرادة الاهتمام بالخبر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29042قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِيَ إِلَّا فِرَارًا .
جُرِّدَ فِعْلُ ( قَالَ ) هُنَا مِنَ الْعَاطِفِ ؛ لِأَنَّهُ حِكَايَةُ جَوَابِ
نُوحٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=1أَنْذِرْ قَوْمَكَ عُومِلَ مُعَامَلَةَ الْجَوَابِ الَّذِي يُتَلَقَّى بِهِ الْأَمْرُ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَاوَرَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، تَنْبِيهًا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=32022_33953مُبَادَرَةِ نُوحٍ بِإِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ إِلَى قَوْمِهِ وَتَمَامِ حِرْصِهِ فِي ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5لَيْلًا وَنَهَارًا وَحُصُولِ يَأْسِهِ مِنْهُمْ ، فَجَعَلَ مُرَاجَعَتَهُ رَبَّهُ بَعْدَ مُهْلَةٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5لَيْلًا وَنَهَارًا بِمَنْزِلَةِ الْمُرَاجَعَةِ فِي الْمَقَامِ الْوَاحِدِ بَيْنَ الْمُتَحَاوِرِينَ . وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ جُمْلَةَ قَالَ رَبِّ إِلَخْ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا ؛ لِأَنَّ السَّامِعَ يَتَرَقَّبُ مَعْرِفَةَ مَاذَا أَجَابَ قَوْمُ
نُوحٍ دَعْوَتَهُ ، فَكَانَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَيَانُ مَا يَتَرَقَّبُهُ السَّامِعُ مَعَ زِيَادَةِ مُرَاجَعَةِ
نُوحٍ رَبَّهُ تَعَالَى .
وَهَذَا الْخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ وَهُوَ الشِّكَايَةُ وَالتَّمْهِيدُ لِطَلَبِ النَّصْرِ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ عَالِمٌ بِمَدْلُولِ الْخَبَرِ . وَذَلِكَ مَا سَيُفْضِي إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا الْآيَاتِ .
وَفَائِدَةُ حِكَايَةِ مَا نَاجَى بِهِ
نُوحٌ رَبَّهُ إِظْهَارُ تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ ، وَانْتِصَارُ اللَّهِ لَهُ ، وَالْإِتْيَانُ عَلَى مُهِمَّاتٍ مِنَ الْعِبْرَةِ بِقِصَّتِهِ ، بِتَلْوِينٍ لِحِكَايَةِ أَقْوَالِهِ وَأَقْوَالِ قَوْمِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ لَهُ . وَتِلْكَ ثَمَانِ مَقَالَاتٍ هِيَ :
1 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=1أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ إِلَخْ .
2 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=2قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ إِلَخْ .
3 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي إِلَخْ .
4 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِلَخْ .
5 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=21قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي إِلَخْ .
[ ص: 194 ] 6 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا إِلَخْ .
7 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ إِلَخْ .
8 -
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=28رَبِّ اغْفِرْ لِي إِلَخْ .
وَجَعَلَ دَعْوَتَهُ مَظْرُوفَةً فِي زَمَنَيِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ الْهَوَادَةِ فِي حِرْصِهِ عَلَى إِرْشَادِهِمْ ، وَأَنَّهُ يَتَرَصَّدُ الْوَقْتَ الَّذِي يَتَوَسَّمُ أَنَّهُمْ فِيهِ أَقْرَبُ إِلَى فَهْمِ دَعْوَتِهِ مِنْهُمْ فِي غَيْرِهِ ، مِنْ أَوْقَاتِ النَّشَاطِ وَهِيَ أَوْقَاتُ النَّهَارِ ، وَمِنْ أَوْقَاتِ الْهَدُوِّ وَرَاحَةِ الْبَالِ وَهِيَ أَوْقَاتُ اللَّيْلِ .
وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ) أَنَّ دُعَائِي لَهُمْ بِأَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَبِطَاعَتِهِمْ لِي لَمْ يَزِدْهُمْ مَا دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ إِلَّا بُعْدًا مِنْهُ ، فَالْفِرَارُ مُسْتَعَارٌ لِقُوَّةِ الْإِعْرَاضِ ، أَيْ : فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِيَّاهُمْ قُرْبًا مِمَّا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ .
وَاسْتِثْنَاءُ الْفِرَارِ مِنْ عُمُومِ الزِّيَادَاتِ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ . وَالتَّقْدِيرُ : فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي قُرْبًا مِنَ الْهُدَى لَكِنْ زَادَهُمْ فِرَارًا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ صَالِحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=63فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ .
وَإِسْنَادُ زِيَادَةِ الْفِرَارِ إِلَى الدُّعَاءِ مَجَازٌ ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُ إِيَّاهُمْ كَانَ سَبَبًا فِي تَزَايُدِ إِعْرَاضِهِمْ وَقُوَّةِ تَمَسُّكِهِمْ بِشِرْكِهِمْ .
وَهَذَا مِنَ الْأُسْلُوبِ الْمُسَمَّى فِي عِلْمِ الْبَدِيعِ تَأْكِيدُ الْمَدْحِ بِمَا يُشْبِهُ الذَّمَّ ، أَوْ تَأْكِيدُ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ ، وَهُوَ هُنَا تَأْكِيدُ إِعْرَاضِهِمُ الْمُشَبَّهِ بِالِابْتِعَادِ بِصُورَةٍ تُشْبِهُ ضِدَّ الْإِعْرَاضِ .
وَلَمَّا كَانَ فِرَارُهُمْ مِنَ التَّوْحِيدِ ثَابِتًا لَهُمْ مِنْ قَبْلُ كَانَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا مِنْ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ .
وَتَصْدِيرُ كَلَامِ
نُوحٍ بِالتَّأْكِيدِ لِإِرَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ .