الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                4267 باب ذكر الخبر الذي يجمع النهي عن الصلاة في جميع هذه الساعات .

                                                                                                                                                ( أنبأ ) أبو صالح بن أبي طاهر العنبري ، ثنا جدي يحيى بن منصور القاضي ، ثنا أحمد بن سلمة ، ثنا أحمد بن يوسف الأزدي ، ثنا النضر بن محمد ، ثنا عكرمة ، ثنا شداد بن عبد الله أبو عمار ويحيى بن أبي كثير عن أبي أمامة - قال عكرمة : وقد لقي شداد أبا أمامة وواثلة ، وصحب أنسا إلى الشام ، وأثنى عليه فضلا وخيرا عن أبي أمامة - قال : قال عمرو بن عبسة السلمي : كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة ، وإنهم ليسوا على شيء ، وهم يعبدون الأوثان - قال - فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا ، فقعدت على راحلتي ، فقدمت عليه فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا جراء عليه قومه ، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت له : ما أنت ؟ قال : " أنا نبي " . فقلت : وما نبي ؟ قال : " أرسلني الله " . فقلت : بأي شيء أرسلك ؟ قال : " أرسلني بصلة الأرحام ، وكسر الأوثان ، وأن يوحد الله لا يشرك به شيئا " . فقلت له : من معك على هذا ؟ قال : " حر وعبد " . قال : ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به ، فقلت : إني متبعك . قال : " إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا ، ألا ترى حالي وحال الناس ؟ ولكن ارجع إلى أهلك ، فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني " . فذهبت إلى أهلي فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، وكنت في أهلي فجعلت أتخبر الأخبار ، وأسأل كل من قدم من الناس حتى قدم علي نفر من أهل يثرب من أهل المدينة فقلت : ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة ؟ فقالوا : الناس إليه سراع ، وقد أراد قومه قتله ، فلم يستطيعوا ذلك . قال : فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت : يا رسول الله أتعرفني ؟ قال : " نعم ألست الذي أتيتني بمكة ؟ " . قال فقلت : يا نبي الله أخبرني [ ص: 455 ] عما علمك الله وأجهله ، أخبرني عن الصلاة . قال : " صل صلاة الصبح ، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع ، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذ يسجد لها الكفار ، ثم صل فالصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ، ثم أقصر عن الصلاة ، فإن حينئذ تسجر جهنم ، فإذا أقبل الفيء فصل ، فإن الصلاة مشهودة حتى تصلي العصر ، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس ، فإنها تغرب بين قرني شيطان ، وحينئذ تسجد لها الكفار " . قال قلت : يا نبي الله فالوضوء حدثني عنه . قال : "ما منكم رجل يقرب وضوءه ، فيمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته وخياشيمه مع الماء ، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء ، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء ، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه " . فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو أمامة : يا عمرو انظر ماذا تقول في مقام واحد يعطي هذا الرجل ؟ فقال عمرو : يا أبا أمامة لقد كبرت سني ورق عظمي ، واقترب أجلي ، وما بي حاجة أن أكذب على الله ولا على رسوله لو لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا حتى عد سبع مرات ما حدثت به أبدا ، ولكني قد سمعته أكثر من ذلك . رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن جعفر المعقري ، عن النضر بن محمد ، إلا أنه زاد في ذكر الوضوء عند قوله : فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه مع الماء ، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء . وكأنه سقط من كتابنا . وله شاهد من حديث أبي سلام عن أبي أمامة .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية