الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب في بيان قول الله عز وجل إلى آخره، وجه إدخال هذه الترجمة في أبواب الاستسقاء; لأن هذه الآية فيمن قالوا: الاستسقاء بالأنواء على ما روى عبد بن حميد الكشي في تفسيره: حدثني يحيى بن عبد الحميد ، عن ابن عيينة ، عن عمرو ، عن ابن عباس وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قالا: الاستسقاء بالأنواء، أخبرنا إبراهيم ، عن أبيه، عن عكرمة ، عن مولاه وتجعلون رزقكم قال: تجعلون شكركم، وفي تفسير ابن عباس رضي الله عنهما: جمع إسماعيل بن أبي زياد الشامي ، وروايته عن الضحاك عنه وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يستسقي بقدح له، ويصبه في قربة من ماء السماء، وهو يقول: سقينا بنوء كذا، وكذا، فأنزل الله تعالى: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون يعني: المطر حيث يقولون: سقينا بنوء كذا، وكذا ، وفي (صحيح مسلم ) من حديث ابن عباس ، قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرا، ومنهم كافرا، قالوا: هذه رحمة وضعها الله تعالى، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا، فنزلت هذه الآية وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون وذكر أبو العباس في (مقامات التنزيل)، عن الكلبي أن النبي صلى الله عليه وسلم عطش أصحابه فاستسقوه، قال: إن سقيتم قلتم سقينا بنوء كذا، وكذا، قالوا: والله ما هو بحين الأنواء، فدعا الله تعالى فمطروا، فمر النبي صلى الله عليه وسلم برجل يغرف من قدح، ويقول: مطرنا بنوء كذا، وكذا، فنزلت ، وروى الحكم ، عن السدي ، قال: أصابت قريشا سنة شديدة، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي فدعا، فأمطروا، فقال بعضهم: مطرنا بنوء كذا، وكذا، فنزلت الآية، قال السدي : وحدثني عبد خير ، عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان يقرؤها، وتجعلون شكركم، وقال عبد بن حميد : حدثنا عمر بن سعد ، وقبيصة ، عن سفيان ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الرحمن قال: كان علي يقرأ: وتجعلون شكركم أنكم تكذبون ، وروى سعيد بن المنصور ، عن هشيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: وتجعلون شكركم أنكم تكذبون .

                                                                                                                                                                                  ومن هذا الوجه أخرجه ابن مردويه في (التفسير المسند)، وفي (المعاني) للزجاج ، وقرئت: وتجعلون شكركم أنكم تكذبون، ولا ينبغي أن يقرأ بها بخلاف المصحف، وقيل: في القراءة المشهورة حذف تقديره: وتجعلون شكر رزقكم، وقال الطبري : المعنى: وتجعلون الرزق الذي وجب عليكم به الشكر تكذيبكم به، وقيل: بل الرزق بمعنى الشكر في لغة أزد شنوءة ، نقله الطبري عن الهيثم بن عدي ، وفي (تفسير أبي القاسم الجوزي )، وتجعلون نصيبكم من القرآن أنكم تكذبون.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية