الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

ومن هذا النوع مناسبة أسماء السور لمقاصدها وقد تقدم في النوع السابع عشر الإشارة إلى ذلك .

وفي عجائب الكرماني : إنما سميت السور السبع حم على الاشتراك في الاسم ، لما بينهن من التشاكل الذي اختصت به ، وهو أن كل واحدة منها استفتحت بالكتاب أو صفة الكتاب مع تقارب المقادير في الطول والقصر ، وتشاكل الكلام في النظام .

فوائد منثورة في المناسبات .

في تذكرة الشيخ تاج الدين السبكي ومن خطه نقلت : سئل الإمام : ما الحكمة في افتتاح سورة الإسراء بالتسبيح ، والكهف بالتحميد ؟ وأجاب بأن التسبيح حيث جاء مقدم على التحميد ، نحو : فسبح بحمد ربك [ الحجر : 98 ] . سبحان الله والحمد لله .

وأجاب ابن الزملكاني بأن سورة سبحان لما اشتملت على الإسراء الذي كذب المشركون به النبي صلى الله عليه وسلم ، وتكذيبه تكذيب لله سبحانه وتعالى ، أتى بسبحان لتنزيه الله تعالى عما نسب إلى نبيه من الكذب ، وسورة الكهف لما أنزلت بعد سؤال المشركين عن قصة أصحاب الكهف وتأخر الوحي ، نزلت مبينة أن الله لم يقطع نعمته عن نبيه ولا عن المؤمنين ، بل أتم عليهم النعمة بإنزال الكتاب فناسب افتتاحها بالحمد على هذه النعمة .

في تفسير الخويي : ابتدئت الفاتحة بقوله : الحمد لله رب العالمين فوصف بأنه مالك جميع المخلوقين ، وفي الأنعام والكهف وسبأ وفاطر لم يوصف بذلك ، بل بفرد من أفراد صفاته ، وهو خلق السماوات والأرض والظلمات والنور في الأنعام ، وإنزال الكتاب في الكهف ، وملك ما في السماوات وما في الأرض في سبأ ، وخلقهما في فاطر لأن الفاتحة أم القرآن ومطلعه ، فناسب الإتيان فيها بأبلغ الصفات وأعمها وأشملها .

في العجائب للكرماني : إن قيل كيف جاء يسألونك أربع مرات بغير واو يسألونك عن الأهلة [ البقرة : 189 ] . يسألونك ماذا ينفقون [ البقرة : 215 ] . يسألونك عن الشهر الحرام [ البقرة : 217 ] . [ ص: 231 ] يسألونك عن الخمر [ البقرة : 219 ] . ثم جاء ثلاث مرات بالواو : ويسألونك ماذا ينفقون [ البقرة : 219 ] . ويسألونك عن اليتامى [ البقرة : 220 ] . ويسألونك عن المحيض [ البقرة : 222 ] .

قلنا : لأن سؤالهم عن الحوادث الأول وقع متفرقا ، وعن الحوادث الأخر وقع في وقت واحد ، فجيء بحرف الجمع دلالة على ذلك .

فإن قيل : كيف جاء ويسألونك عن الجبال فقل [ طه : 105 ] . وعادة القرآن مجيء قل في الجواب بلا فاء .

وأجاب الكرماني بأن التقدير : لو سئلت عنها فقل .

فإن قيل : كيف جاء وإذا سألك عبادي عني فإني قريب [ البقرة : 186 ] . وعادة السؤال يجيء جوابه في القرآن بقل قلنا : حذفت للإشارة إلى أن العبد في حال الدعاء في أشرف المقامات لا واسطة بينه وبين مولاه .

ورد في القرآن سورتان أولهما يا أيها الناس في كل نصف سورة فالتي هي النصف الأول تشتمل على شرح المبدأ ، والتي في الثاني على شرح المعاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية