الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            أبواب ستر العورة

                                                                                                                                            باب وجوب سترها

                                                                                                                                            514 - ( عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت : يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال : { احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ، قلت : فإذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال : إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها ، قلت : فإذا كان أحدنا خاليا ؟ قال : فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه } . رواه الخمس إلا النسائي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا النسائي في عشرة النساء عن عمرو بن علي ، عن يحيى بن سعيد ، عن بهز فذكره لا كما قال المصنف ، وقد علقه البخاري وحسنه الترمذي وصححه الحاكم ، وأخرجه ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده بدون قوله : " فإذا كان القوم " إلى قوله : " قلت فإذا كان أحدنا " وزاد بعد قوله : { فالله أحق أن يستحيا منه } لفظ : " من الناس " وقد عرف من السياق أنه وارد في كشف العورة بخلاف ما قال أبو عبد الله البوني إن المراد بقوله : " أحق أن يستحيا منه " أي فلا يعصى ومفهوم قوله : " إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك " يدل على أنه يجوز [ ص: 73 ] لهما النظر إلى ذلك منه وقياسه أنه يجوز له النظر ، ويدل أيضا على أنه لا يجوز النظر لغير من استثني ، ومنه الرجل للرجل والمرأة للمرأة ، وكما دل مفهوم الاستثناء على ذلك فقد دل عليه منطوق قوله : " فإذا كان القوم بعضهم في بعض " ويدل على أن التعري في الخلاء غير جائز مطلقا

                                                                                                                                            وقد استدل البخاري على جوازه في الغسل بقصة موسى وأيوب . ومما يدل على عدم الجواز مطلقا حديث ابن عمر عند الترمذي بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط ، وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرموهم } . ويدل على ما أشعر به الحديث مفهوما ومنطوقا من عدم جواز نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم وأبي داود والترمذي بلفظ : { لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد }

                                                                                                                                            والحديث يدل على وجوب الستر للعورة كما ذكر المصنف بقوله : " احفظ عورتك " وقوله : " فلا يرينها " وقد ذهب قوم إلى عدم وجوب ستر العورة ، وتمسكوا بأن تعليق الأمر بالاستطاعة قرينة تصرف الأمر إلى معناه المجازي الذي هو الندب . ورد بأن ستر العورة مستطاع لكل أحد فهو من الشروط التي يراد بها التهييج والإلهاب كما علم في علم البيان ، وتمسكوا أيضا بما سيأتي من كشفه صلى الله عليه وسلم لفخذه وسيأتي الجواب عليه ، والحق وجوب ستر العورة في جميع الأوقات إلا وقت قضاء الحاجة وإفضاء الرجل إلى أهله كما في حديث ابن عمر السابق ، وعند الغسل على الخلاف الذي مر في الغسل ومن جميع الأشخاص إلا في الزوجة والأمة كما في حديث الباب والطبيب والشاهد والحاكم على نزاع في ذلك . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية