الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 120 ] فصل ( في كراهة سب الحمى وتكفيرها للذنوب كغيرها وأنواعها وعلاجها ) .

عن جابر رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال : ما لك يا أم السائب أو يا أم المسيب تزفزفين ؟ فقالت : الحمى لا بارك الله فيها فقال لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد } رواه مسلم " تزفزفين " تتحركين حركة سريعة ومعناه ترتعد وهو بضم التاء ، والراء المكررة ، والفاء المكررة ، وروي أيضا بالراء المكررة ، والقافين ولم يصب من قال :

زارت مكفرة الذنوب وودعت تبا لها من زائر ومودع     قالت وقد عزمت على ترحالها
ماذا تريد فقلت ألا ترجعي

ولا من قال :

زارت مكفرة الذنوب لصبها     أهلا بها من زائر ومودع
قالت وقد عزمت على ترحالها     ماذا تريد فقلت ألا تقلعي

لأن الأول ارتكب النهي عن سبها ، والثاني ترك الأمر بسؤال العفو ، والعافية وأراد بقاء المرض .

وفي البخاري أن ابن عمر كان يقول اكشف عنا الرجز ولأحمد ، والبخاري ومسلم من حديث ابن مسعود { ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها } . ولأحمد عن شداد أنه عاد مريضا فقال : اشكر كفارات السيئات وحط الخطايا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { يقول الله عز وجل إني إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه كيوم ولدته أمه من الخطايا } وفيه راشد بن داود الصنعاني وهو مختلف فيه .

وفي الموطأ عن عطاء بن يسار مرسلا { إذا مرض العبد [ ص: 121 ] بعث الله إليه ملكين فقال انظروا ماذا يقول لعواده ؟ فإذا هو إذا جاءه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله وهو أعلم فيقول : إن لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة ، وإن أنا شفيته أن أبدله لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ، وأن أكفر عنه سيئاته } ولأحمد من حديث أبي أمامة { الحمى كير جهنم ما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار } ولأحمد وابن ماجه هذا المعنى من حديث أبي هريرة . ولمالك وأحمد ومسلم من حديث عائشة { ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا كتبت له بها حسنة ومحيت عنه بها خطيئة } وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن الحمى أو شدة الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء }

فيح جهنم شدة لهبها وانتشارها وكذا قال عليه الصلاة والسلام { أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم } قيل هو دقيقة وأنموذج من جهنم ليعتبر به العباد وقدر الله ظهوره بأسباب تقتضيه وهذا هو الصحيح .

ولهذا في الصحيحين أو في مسلم { اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين } وذكر الحديث وقيل المراد التشبيه فشبه هذا بفيح جهنم تنبيها على عذاب جهنم أجارنا الله ، والمسلمين منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية