الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) يتضمن الكلام على حكم قضاة الكور ، قال ابن رشد في نوازله في مسائل الأقضية ما نصه : وأما السؤال العاشر فهو في قضاة الكور كغدة وجيان ووادي آش وأشباهها يغيبون عنها أو يمرضون أو يشتغلون هل يستنيبون من يحكم بين الناس بغير إذن من ولاهم من قضاة [ ص: 107 ] القواعد وكيف إن فعلوا ذلك من غير مرض ولا مغيب إلا تخفيفا عن شعوب الناس فهل تجوز أحكامهم ومخاطبتهم غيرهم من قضاة البلد وهل يجوز لهم ضرب الآجال أو التعجيز في المطالب وهل يقيمون الحد في الخمر وفي الزنا على البكر أم لا ؟ وكيف إن كان ذلك بإذن قضاة القواعد فإن كان ذلك جائزا فكيف يعرف الإذن في ذلك بإذن قاضي الكورة أم بإعلام الذي ولاه وهذا قد تتعذر معرفته بين لنا ذلك كله بيانا شافيا الجواب عليه لا يجوز أن يستنيب غيره على شيء من الأحكام وهو حاضر غير مريض وأما إن غاب أو مرض فيجوز له ذلك إن كان الذي قدمه قد فوض إليه ذلك وجعله له في تقديمه إياه وذلك معلوم من سيرة أحكامه في الكور وينزل مستخلفه في مرضه أو غيبته منزلته في جميع الأمور وإن لم يتضمن ذلك كتاب تقديمه إياه ولا كان ذلك معروفا من سيرة أحكامه في الكور فلا يصح له الاستخلاف فإن استخلف في مرضه أو سفره ، وقال : إنه أذن له في ذلك صدق في قوله وجازت أحكام مستخلفه إذ قد قيل إنه يستخلف في مرضه وسفره دون إذن الذي قدمه ما لم يحجر عليه ذلك وبالله التوفيق ، انتهى كلام ابن رشد بلفظه ونقله البرزلي في مسائل الأقضية وقبله ( قلت ) قضاة الكور هم النواب الذين يستخلفهم قضاة القواعد في القرى وقوله في الجواب لا يجوز له أن يستنيب غيره وهو حاضر غير مريض يريد ما لم يأذن له القاضي الذي قدمه في الاستنابة مطلقا فإن أذن له في الاستنابة مطلقا ولم يسافر جازت له الاستنابة مطلقا بدليل أنه عول في جواز الاستنابة ومنعها على إذن القاضي الذي قدمه دون ضرورة المرض والسفر فأجاز له أن يستنيب مع المرض أو السفر إذا أذن له في ذلك من ولاه ومنع من الاستنابة إذا لم يأذن له ولو مرض أو سافر على القول الراجح فدل على أن المعول في ذلك على الإذن وعلى هذا فيكون حكم النواب مع من استنابهم حكم القضاة مع السلطان فإن منعهم الذي قدمهم من الاستنابة فلا يجوز لهم الاستنابة اتفاقا وإن أجاز لهم الاستنابة جاز أن يستنيبوا على مقتضى الإذن فإن كان الإذن مطلقا جازت الاستنابة مطلقا وإن كان مقيدا بمرض أو سفر جازت الاستنابة في المرض والسفر وإن عري عقد التولية عن الإذن وعدمه فالأصح أنه لا يجوز لهم الاستنابة مطلقا وقيل تجوز الاستنابة عند المرض والسفر هذا ما ظهر لي ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية