الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( مسألة ) ، قال البرزلي في مسائل الأقضية : لفظ الاستنابة والاستخلاف يقتضي النظر في جميع الأشياء إلا ما نص العلماء عليه في الوصايا والأحباس والطلاق والتحجير والقسم والمواريث إلا أن يقصره القاضي على نوع فلا يعدوه إلى غيره ، انتهى . ووقعت مسألة وهي شخص ولاه السلطان بلدا وأعمالها وصرح له بالإذن في الاستخلاف فعرض للقاضي المشاور إليه سفر إلى بلد السلطان ففوض جميع ما فوضه له السلطان لإنسان وأسند إليه جميع ما هو داخل في ولايته ومشمول بعمومها وصرح له بالتفويض ونصب النواب والعزل فأقام ذلك الإنسان المفوض إليه قاضيا بمقتضى الإذن المشروح ، فهل استنابة الإنسان المذكور المفوض له لهذا القاضي صحيحة أم لا ؟ .

                                                                                                                            وإذا كانت صحيحة فهل يجوز التعرض لنقض أحكام هذا القاضي المشار إليه أم لا فأجاب الشيخ العلامة ناصر الدين اللقاني بما نصه : قد نص علماؤنا على أن القاضي إذا فوض إليه الإمام الأعظم القضاء وأذن له في الاستخلاف جاز ذلك وعمل به وقد أشار إلى ذلك ابن الحاجب بقوله ولو تجرد عقد التولية عن إذن الاستخلاف لم يكن له استخلاف فقال شارحه الشيخ خليل في توضيحه : إن أذن له في الاستخلاف أو نص له على عدمه عمل على ذلك .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة والقاضي : إن أذن له في استخلافه جاز استخلافه ، ومن المعلوم أن الاستخلاف في هذه النصوص [ ص: 108 ] لفظ عام يتناول كل استخلاف سواء كان استخلافا على نفس القضاء والحكم أو استخلافا على تولية وظيفة القضاء والحكم وإن كان الأول هو الغالب في الفعل عرفا وكونه هو الغالب في الفعل عرفا لا يخصص العام ; لأن المخصص للعام هو القول لا الفعل كما تقرر في محله من أصول الفقه وإذا تقرر عمومه فحيث فوض الإمام إلى القاضي القضاء وأذن له في الاستخلاف كان الإذن المذكور إذنا له في استخلاف من يباشر القضاء والحكم لمن يصلح شرعا فإذا فوض القاضي المذكور لإنسان ما فوضه له السلطان من القضاء ومن الاستخلاف المذكور كان هذا التفويض من القاضي المذكور لذلك الإنسان في القضاء والاستخلاف صحيحا مأذونا له فيه من السلطان فإذا استخلف هذا الإنسان في وظيفة القضاء من هو أهل لذلك شرعا كان هذا الاستخلاف صحيحا معتبرا معمولا به لاستناده إلى إذن السلطان فأقضية هذا المستخلف الأخير الذي استخلفه ذلك الإنسان صحيحة وأحكامه نافذة لا يجوز التعرض لها بنقض ولا تعقب ، والله سبحانه أعلم بالصواب ، انتهى جوابه ، وما قاله ظاهر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية