الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإنه أي ما أوحي إليك والمراد به القرآن لذكر لشرف عظيم لك ولقومك هم قريش على ما روي عن ابن عباس . ومجاهد . وقتادة . والسدي . وابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي . وابن مردويه عن علي كرم الله تعالى وجهه. وابن عباس رضي الله تعالى عنهما قالا: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل بمكة ويعدهم الظهور فإذا قالوا: لمن الملك بعدك أمسك فلم يجبهم بشيء لأنه عليه الصلاة والسلام لم يؤمر في ذلك بشيء حتى نزلت وإنه لذكر لك ولقومك فكان صلى الله تعالى عليه وسلم بعد إذا سئل قال لقريش: فلا يجيبونه حتى قبلته الأنصار على ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني . وابن مردويه . عن عدي بن حاتم قال: (كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: ألا إن الله تعالى علم ما في قلبي من حبي لقومي فبشرني فيهم فقال سبحانه: وإنه لذكر لك ولقومك الآية فجعل الذكر والشرف لقومي في كتابه) الحديث، وفيه (فالحمد لله الذي جعل الصديق من قومي والشهيد من قومي إن الله تعالى قلب العباد ظهرا وبطنا فكان خير العرب قريش وهي الشجرة المباركة إلى أن قال عدي : ما رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ذكر عنده قريش بخير قط إلا سره حتى يتبين ذلك السرور في وجهه للناس كلهم وكان عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يتلو هذه الآية وإنه لذكر لك ولقومك إلخ، وقيل هم العرب مطلقا لما أن القرآن نزل بلغتهم ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص منهم حتى يكون الشرف لقريش أكثر من غيرهم ثم لبني هاشم أكثر مما يكون لسائر قريش، وفي رواية عن قتادة هم من اتبعه صلى الله تعالى عليه وسلم من أمته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن: هم الأمة والمعنى وإنه لتذكرة وموعظة لك ولأمتك، والأرجح عندي القول الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      وسوف تسألون يوم القيامة عنه وعن قيامكم بحقوقه، وقال الحسن. والكلبي . والزجاج : تسئلون عن شكر ما جعله الله تعالى لكم من الشرف، قيل إن هذه الآية تدل على أن الإنسان يرغب في الثناء الحسن والذكر الجميل إذ لو لم يكن ذلك مرغوبا فيه ما امتن الله تعالى به على رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم والذكر الجميل قائم مقام الحياة ولذا قيل ذكر الفتى عمره الثاني، وقال ابن دريد:


                                                                                                                                                                                                                                      وإنما المرء حديث بعده فكن حديثا حسنا لمن وعى



                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      إنما الدنيا محاسنها     طيب ما يبقى من الخبر



                                                                                                                                                                                                                                      ويحكى أن الطاغية هلاكو سأل أصحابه: من الملك؟ فقالوا له: أنت الذي دوخت البلاد وملكت الأرض وطاعتك الملوك وكان المؤذن إذ ذاك يؤذن فقال لا الملك هذا له أزيد من ستمائة سنة قد مات وهو يذكر على المآذن في كل يوم وليلة خمس مرات يريد محمدا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية