الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا الظاهر أن هذا خارج عن الكلام المحكي عن الجن ، وأنه كلام من جانب الله تعالى لموعظة المشركين من الناس فهو في معنى التذييل . وإنما قرن بالفاء لتفريعه على القصة لاستخلاص العبرة منها ، فالتفريع تفريع كلام على كلام ، وليس تفريع معنى الكلام على معنى الكلام الذي قبله .

والتحري : طلب الحرا ، بفتحتين مقصورا واويا ، وهو الشيء الذي ينبغي أن يفعل ، يقال : بالحري أن تفعل كذا ، وأحرى أن تفعل .

والرشد : الهدى والصواب ، وتنوينه للتعظيم .

والمعنى : أن من آمن بالله فقد توخى سبب النجاة وما يحصل به الثواب ؛ لأن الرشد سبب ذلك .

والقاسط : اسم فاعل ( قسط ) من باب ضرب ، قسطا ، بفتح القاف وقسوطا بضمها ، أي : جار فهو كالظلم يراد به ظلم المرء نفسه بالإشراك . وفي الكشاف : [ ص: 237 ] أن الحجاج قال لسعيد بن جبير حين أراد قتله : ما تقول في ؟ قال : قاسط عادل ، فقال القوم : ما أحسن ما قال - حسبوا أنه وصفه بالقسط بكسر القاف والعدل - فقال الحجاج : يا جهلة : إنه سماني ظالما مشركا ، وتلا لهم قوله تعالى وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا وقوله تعالى ثم الذين كفروا بربهم يعدلون اهـ .

وشبه حلول الكافرين في جهنم بحلول الحطب في النار على طريقة التمليح والتحقير ، أي : هم لجهلهم كالحطب الذي لا يعقل ، كقوله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة .

وإقحام فعل ( كانوا ) لتحقيق مصيرهم إلى النار حتى كأنهم كانوا كذلك من زمن مضى .

التالي السابق


الخدمات العلمية