الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
33 - باب فرش حروف سورة المائدة


1 - وسكن معا شنآن صحا كلاهما وفي كسر أن صدوكم حامد دلا



قرأ شعبة وابن عامر: ولا يجرمنكم شنآن قوم ، في الموضعين بتسكين النون. وقرأ غيرهما بفتح النون فيهما. وقرأ أبو عمرو وابن كثير أن صدوكم بكسر الهمزة. وقرأ غيرهما بفتحها.


2 - مع القصر شدد ياء قاسية شفا     وأرجلكم بالنصب عم رضا علا



قرأ حمزة والكسائي لفظ قاسية بالقصر، أي حذف الألف بعد القاف مع تشديد الياء بوزن مطية. وقرأ غيرهما بالمد أي إثبات الألف مع تخفيف الياء بوزن راضية، [ ص: 251 ] وذلك في قوله تعالى: وجعلنا قلوبهم قاسية ، وقرأ نافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص وأرجلكم إلى الكعبين بنصب اللام. وقرأ الباقون بخفضها.


3 - وفي رسلنا مع رسلكم ثم رسلهم     وفي سبلنا في الضم الاسكان حصلا
4 - وفي كلمات السحت عم نهى فتى     وكيف أتى أذن به نافع تلا
5 - ورحما سوى الشامي ونذرا صحابهم     حموه ونكرا شرع حق له علا
6 - ونكر دنا والعين فارفع وعطفها     رضا والجروح ارفع رضا نفر ملا



قرأ أبو عمرو بإسكان الضم في الحرف الثاني من لفظ (رسل) إذا كان مضافا لضمير العظمة نحو: ولقد جاءتهم رسلنا ، لقد أرسلنا رسلنا بالبينات ، ثم قفينا على آثارهم برسلنا ، أو ضمير المخاطبين نحو: أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ، أو ضمير الغائبين نحو: فلما جاءتهم رسلهم بالبينات ، فإذا كان هذا اللفظ مضافا لضمير مفرد نحو: ورسله بالغيب أو لم يكن مضافا نحو: تلك الرسل ، ولقد كذبت رسل ، رسلا مبشرين ومنذرين فقرأه أبو عمرو بضم السين كالجماعة. وقرأ الباقون بضم السين في الجميع. وقرأ أبو عمرو بإسكان ضم الباء في سبلنا في قوله تعالى: وقد هدانا سبلنا ، لنهدينهم سبلنا ، وقرأ الباقون بضمها. ثم عطف على إسكان الضم فقال (وفي كلمات السحت) إلخ، يعني قرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة بإسكان ضم الحاء في جميع كلمات السحت، نحو: أكالون للسحت ، وأكلهم السحت ، وقرأ الباقون بضم الحاء. وقرأ نافع لفظ (أذن) بإسكان ضم الذال كيف أتى، سواء كان هذا اللفظ معرفا نحو: والأذن بالأذن ، أم منكرا نحو: ويقولون هو أذن ، وتعيها أذن أم مضافا نحو: قل أذن خير لكم ، وسواء كان مفردا كهذه الأمثلة أم مثنى نحو: كأن في أذنيه وقرا ، وقرأ غيره بضم الذال في الجميع.

وقرأ جميع السبعة إلا ابن عامر: وأقرب رحما بالكهف بإسكان ضم الحاء، وقرأ ابن عامر بضمها، وقرأ حفص وحمزة والكسائي وأبو عمرو: أو نذرا في المرسلات بإسكان ضم الذال. وقرأ الباقون بضمها، ولا خلاف بين السبعة في إسكان ذال كلمة عذرا التي قبل نذرا ، وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو [ ص: 252 ] وهشام وحفص بإسكان ضم الكاف في: لقد جئت شيئا نكرا بالكهف، وعذبناها عذابا نكرا بالطلاق. وقرأ الباقون وهم نافع وشعبة وابن ذكوان بضمها. وقرأ ابن كثير بإسكان ضم الكاف في: إلى شيء نكر بالقمر. وقرأ غيره بضمها. وقوله: (والعين فارفع) إلخ، معناه أن الكسائي وحده قرأ برفع النون في كلمة (والعين) وبرفع ما عطف عليها من الكلمات وهي: (والأنف، والأذن، والسن). وقرأ برفع الحاء في كلمة والجروح الكسائي وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر. فحينئذ يقرأ الكسائي برفع الكلمات الخمس وهي (والعين والأنف والأذن والسن والجروح).

ويقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر برفع (والجروح) فقط، ونصب الكلمات الأربع قبلها. ويقرأ الباقون بنصب الكلمات الخمس. ولا خلاف بين القراء في نصب لفظ (النفس) المجرد من الباء، لأنه اسم أن، وهو ينصب اتفاقا، و(ملا) بتخفيف الهمز بمعنى أشراف.


7 - وحمزة وليحكم بكسر ونصبه     يحركه تبغون خاطب كملا



قوله تعالى: وليحكم أهل الإنجيل يحرك حمزة لام وليحكم بالكسر وميمه بالنصب، فتكون قراءة الباقين بسكون اللام وجزم الميم بالسكون، لأن ضد التحريك السكون، وقرأ ابن عامر: (أفحكم الجاهلية تبغون) بتاء الخطاب وغيره بياء الغيب.


8 - وقبل يقول الواو غصن ورافع     سوى ابن العلا يرتدد عم مرسلا
9 - وحرك بالإدغام للغير داله     وبالخفض والكفار راويه حصلا



قرأ أبو عمرو والكوفيون: (ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا) بواو قبل يقول، وقرأ غيرهم بغير واو. وقرأ السبعة سوى أبي عمرو برفع لام (ويقول)، وقرأ أبو عمرو بنصبها، فيتحصل من هذا أن نافعا وابن كثير، وابن عامر يقرءون بحذف الواو ورفع اللام. وأن أبا عمرو يقرأ بإثبات الواو ونصب اللام. وأن الكوفيين يقرءون بإثبات الواو ورفع اللام. وقرأ نافع وابن عامر (من يرتدد منكم عن دينه) بفك الإدغام، أي بدالين خفيفتين الأولى مكسورة والثانية ساكنة كما لفظ به. وقرأ غيرهما بدال واحدة مفتوحة مشددة. وقد صرح الناظم بهذه القراءة في قوله (وحرك بالإدغام للغير داله).

[ ص: 253 ] المعنى: وحركت الدال الثانية بالفتح بسبب إدغام الدال الأولى فيها لغير نافع وابن عامر، وقرأ الكسائي وأبو عمرو: من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار بخفض الراء، وغيرهما بنصبها. وقوله: (مرسلا) حال من ضمير عم الراجع للفظ (يرتدد) يعني أن هذا اللفظ على قراءة نافع وابن عامر بدالين أرسل وأطلق من عقال الإدغام.


10 - وبا عبد اضمم واخفض التاء بعد فز     رسالته اجمع واكسر التا كما اعتلا
11 - صفا وتكون الرفع حج شهوده     وعقدتم التخفيف من صحبة ولا
12 - وفي العين فامدد مقسطا فجزاء نو     ونوا مثل ما في خفضه الرفع ثملا



قرأ حمزة: وعبد الطاغوت بضم با عبد، وخفض تاء الطاغوت، وهو الذي بعد (عبد).

وقرأ غيره بفتح باء وعبد ونصب تاء الطاغوت. وقرأ ابن عامر ونافع وشعبة: فما بلغت رسالته بالجمع، أي بإثبات ألف بعد اللام مع كسر التاء، وقرأ غيرهم (رسالته) بالإفراد، أي بحذف الألف بعد اللام ونصب التاء. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: وحسبوا ألا تكون فتنة برفع نون (تكون)، وقرأ الباقون بنصبها. وقرأ ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي: عقدتم الأيمان بتخفيف القاف، وقرأ الباقون بتشديدها، وقرأ ابن ذكوان بمد العين، أي بإثبات ألف بعدها، وقرأ غيره بحذف هذه الألف. فيؤخذ منه: أن ابن ذكوان يقرأ بإثبات ألف بعد العين وتخفيف القاف، وشعبة وحمزة والكسائي يقرءون بحذف الألف وتخفيف القاف، والباقون يقرءون بحذف الألف وتشديد القاف. وقرأ الكوفيون: فجزاء مثل ما قتل من النعم ، بتنوين: فجزاء ، ورفع خفض لام: " مثل " ، فتكون قراءة الباقين بحذف تنوين فجزاء ، وخفض لام: " مثل " . و(ثملا) جمع ثامل وهو المصلح.


13 - وكفارة نون طعام برفع خفـ     ضه دم غنى واقصر قياما له ملا



قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكوفيون: أو كفارة طعام مساكين ، بتنوين: " كفارة " ، ورفع خفض ميم: " طعام " ، وقرأ نافع، وابن عامر بحذف التنوين وخفض ميم " طعام " وقرأ [ ص: 254 ] هشام وابن ذكوان قياما للناس بقصر (قياما) أي بحذف الألف بعد الياء. وقرأ الباقون بالمد، أي بإثبات الألف. و(ملا) بضم الميم والمد وقصر للوزن جمع ملاءة وهي الملحفة.


14 - وضم استحق افتح لحفص وكسره     وفي الأوليان الأولين فطب صلا
15 - وضم الغيوب يكسران عيونا ال     عيون شيوخا دانه صحبة ملا
16 - جيوب منير دون شك وساحر     بسحر بها مع هود والصف شمللا



قرأ حفص: من الذين استحق عليهم بفتح ضم التاء وفتح كسر الحاء، فتكون قراءة غيره بضم التاء وكسر الحاء. وإذا ابتدأ القارئ هذه الكلمة كسر همزتها لحفص وضمها لغيره، وقرأ حمزة وشعبة (الأولين) بتشديد الواو مفتوحة وبعدها لام مكسورة فياء ساكنة مدية فنون مفتوحة في مكان (الأوليان) بسكون الواو وفتح اللام والياء، وبعدها ألف مع كسر النون وهي قراءة الباقين، وقرأ حمزة وشعبة أيضا بكسر ضم الغين في لفظ الغيوب نحو: إنك أنت علام الغيوب ، وقرأ غيرهما بضم الغين، وقرأ ابن كثير وشعبة وحمزة والكسائي وابن ذكوان بكسر ضم العين في كلمة (وعيون)، سواء كانت منكرة نحو: في جنات وعيون ، وفجرنا الأرض عيونا ، أم كانت معرفة نحو: وفجرنا فيها من العيون .

وبكسر ضم الشين في (شيوخا) في: ثم لتكونوا شيوخا في سورة غافر، والباقون بضم العين والشين، وقرأ ابن ذكوان وابن كثير وحمزة والكسائي بكسر ضم الجيم في كلمة جيوبهن في: وليضربن بخمرهن على جيوبهن في سورة النور، وقرأ الباقون بضم الجيم. وقرأ حمزة والكسائي: " إن هذا إلا سحر مبين " هنا وفي هود، قالوا هذا سحر مبين في الصف بفتح السين وألف بعدها وكسر الحاء. وقرأ الباقون بكسر السين وسكون الحاء في المواضع الثلاثة.

وقول الناظم (وساحر بسحر) يعني أن حمزة والكسائي وضعا كلمة ساحر مكان كلمة (سحر) في السور الثلاث.


17 - وخاطب في هل يستطيع رواته     وربك رفع الباء بالنصب رتلا



قرأ الكسائي: (هل تستطيع) بتاء الخطاب في مكان ياء الغيب، (ربك) بنصب رفع الباء. [ ص: 255 ] وقرأ غيره (يستطيع) بياء الغيب (ربك) برفع الباء، ولا يخفى أن الكسائي على أصله في إدغام لام (هل) في تاء (تستطيع).


18 - ويوم برفع خذ وإني ثلاثها     ولي ويدي أمي مضافاتها العلا



قرأ السبعة إلا نافعا: يوم ينفع الصادقين برفع ميم يوم، وقرأ نافع بفتحها، وفيها من ياءات الإضافة ما يلي: إني أخاف الله ، إني أريد ، فإني أعذبه ، ما يكون لي أن أقول ، يدي إليك ، وأمي إلهين .

التالي السابق


الخدمات العلمية