الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
مقدمة

بسم الله الواحد المشرع للأنام، والصلاة والسلام على خير من نزل الأحكام، وعلى آله وصحبه الطاهرين الكرام، وعلى من اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم المقام.

يقتضي التقسيم المنهجي في التعامل مع النص الشرعي مراحل ثلاث: الفهم ثم الاستنباط ثم التنـزيل، فالمرحلة الأولى يكون الغرض منها استنطاق دلالات النص الشرعي عن طريق التوسل بالدلالات اللغوية والأصولية وغيرها حتى يتم الفهم السليم لمقصد الشارع الحكيم، والمرحلة الثانية هي بمثابة الثمرة للأولى، إذ فهم النص ليس مطلوبا لذاته وإنما القصد منه تسديد العمـلية الاستنباطية للحكم الفقهي من النصـوص القرءانية والحـديثية، أما المرحلة الثالثة فهي القصد المرغوب والمبتغى المطلوب من المرحلتين السابقتين، إذا بها يكون تطبيق ما تم استنباطه من أحكام بعد عملية الفهم.

ولقد أولى علماؤنا من فقهاء وأصوليين ومفسرين الفهم والاستنباط عناية كبرى، يشهـد على ذلك وفرة المؤلفـات التي اهتمـت بفقه الفهم - أصول التفسير- والاستنباط - أصول الفقه- على السواء. [ ص: 21 ]

أما فقه التنـزيل فلم يكن كذلك، وهذا لا يعني أن فقهاءنا أنقصوا من شأنه أو أغمطوه حقه أو لم يعطوه الأهمية التي يستحقها، فهم اشتغلوا بهـذا الفقه تطبيقيا، أو بمفهوم أدق تنـزيليا، فكانت المرحلة الثالثة مطبقة لا مؤصلة.

لكن حاجة العصر ومتطـلباته شاءت أن يعطى لهذا الفقه أهمية تأصيلية تسـدد العملية التنـزيلية حتى تتضح معالم الرؤية، ولا يتخبط فيه تخبط العشواء.

فأهمية هذا البحث تتجلى في كونه يروم معالجة قضية هي من أهم قضايا الاجتهاد، وأهميته تتجلى في كونه الكفيل بالتجسير بين كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور، كما أن تنـزيل الأحكام هو غاية التشريع وثمرة التكليف، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن عدم العلم به يوقع المجتهد والعامي على حد سواء في الشطط والزلل، فينـزل الأحكام على غير محالها، فيفسد من حيث يريد الإصلاح، مما يعود على المقاصد المرجوة من الحكم بالنقض والإبطال، فغياب الفقه التنـزيلي للأحكام يضع المصالح بدل المفاسد، والداء مكان الدواء.

وما كان هذا حاله، كان من الضروري توجيه البحث نحوه.

وقد خص الله سبحانه وتعـالى رجـالا عملوا على تنـزيل الأحكام متسلحـين بمعرفة أصـولية وفقهية وواقعية، ومن هؤلاء الإمام ابن تيمية - رحمه الله - الذي كان له كبير الأثر في تاريخ الفكر الأصولي والفقهي بل والإنساني. [ ص: 22 ]

ذلك أنه لم يعرف الفكر الإسلامي شخصية تجاذبها الخلاف بين مؤيد ومعارض كما عرف هذا الإمام، بل مازال موضع خصومته بين مادحيه وناقديه إلى يومنا هذا.

وتتجلى ريادة الإمام ابن تيمية في فقه التنـزيل من خلال ممارسته عملية الإفتاء، التي جعلت منه أحد أهم رواد الفقه التنـزيلي، والملاحظ لمنهجه الفقهي والمتأمل له يجد أن الإمام كان ينظر بعين إلى كتاب الله المسطور وبأخرى إلى كتاب الله المنظور فيجسر بينهما وينـزل أحكام الأول على الثاني، لأن أي خلل في الرؤية إلى أحد الكتابين من شأنه أن يسبب خللا في العمـلية التنـزيلية ، وهذا من أهم مميزات منهجه الفـكري عموما- وإلا فالكمال لله وحده وما من بشر إلا وله وهفوة -، كما يتسم منهجه ويتميز بالواقعية في إعطاء الأحكام فلا تجده من(الأرائتيين) الافتراضيين، بل كان يجتهد، رحمه الله، في ما استجد في عصره من النوازل مستنبطا حكمها - إن تطلب الأمر ذلك - منـزلا إياه على محله في وقته، وهو من أهله، فكان رائد فقه التنـزيل بامتياز.

كما تميز منهجه بالفكر المراجعاتي، ويتمثل ذلك في مراجعته لعدد من الأحكام، نحو طلاق الثلاث بلفظ واحد، وذلك بعدما استفحل نكاح التحليل مما جعله من السباقين إلى ما صار يعرف بعلم المراجعات.

فإن لم يكن للإمام ابن تيمية مصنف في فقه الاستنباط وفقه الفهم، فهو من الرواد في فقه التنـزيل، ولما كان هكذا أمره، وقع الاختيار عليه لتأصيل الرؤية التنـزيلية. [ ص: 23 ]

ويمكن حصر دواعي البحث وأسبابه في ما يأتي:

1 - دعت حاجة العصر إلى الاهتمام بهذا الفقه وإعطائه المكانة، التي يستحقها خصوصا أن الظروف السيئة التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم هي ناتجة بشكل كبير عن تنـزيل الأحكام على غير محالها، الشيء الذي نتج عنه تفجير المسلمين وسفك دمائهم باسـم تطبيق الإسلام في حين أنه تبديد له لا تطبيقا له. فكان فقه التنـزيل هو الكفيل بوضع الأحكام في مواضعها، دون تبديد أو إسقاط أو تعطيل .

2 - الرغبة في الاطلاع على معظم تراث الإمام ابن تيمية، لمعرفة فكره في مختلف المجالات، فهو من العلماء الذين يوزنون بأمة، باعتباره موسوعة علمية نادرة الوجود، فقد أثبت كفاءته في مختلف نواحي مجالات المعرفة الإسلامية من علم كلام ومنطق وفقه وأصول وغيرها.

3 - دراسة فقه التنـزيل عند الإمام ابن تيمية ذات فائدة مزدوجة، أولا: للتشابه الحاصل بين واقع الإمام ابن تيمية وواقعنا نحن، فدراسته تمكن من معرفة مكامن الخلل في واقعنا حتى نعرف كيفية إصلاحها، فمعرفة الداء نصف الدواء، وثانيا: تعين دراسة شخصيته في تتبع منهجيته في معالجة مشاكل عصره وحلها.

أما الدراسات السابقة فيمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام:

القسـم الأول: الدراسـات التي تحدثت عن فقه التنـزيل عند الإمام ابن تيمية.

القسـم الثاني: الدراسـات التي تحدثت عن الاجتهـاد عند الإمـام ابن تيمية. [ ص: 24 ]

القسم الثالث: الدراسات التي تحدثت عن فقه التنـزيل عموما.

القسـم الرابع: الدراسـات التي تحـدثت عن فقه التنـزيل عند إمام من الأئمة.

أما القسم الأول، فلم أجد - فيما بحثت - مؤلفا خاصا في فقه تنـزيل الحكم عند الإمام ابن تيمية، وإنما ما وجدت هو:

1- مطلب في رسالة جامعية للأستاذ بوشعيب لمدى موسومة بـ "الفكر المقاصدي عند الإمام ابن تيمية"، وعنوانه "سلامة التنـزيل وواقعيته" يقع في أربع عشرة صفحة تحدث فيها الباحث عن أثر المقاصد في تنـزيل الأحكام، وكذا إلمام الإمام بفقه الواقع، ثم تحدث بعد ذلك عن استدلالات الإمام ابن تيمية بتنـزيل الرسول صلى الله عليه وسلم ، والصحابة، رضوان الله عليهم، وكذا بعض الأئمة. وتجدر الإشارة أن الباحث تحدث في هذه الاستدلالات عن فقه الأولويات وليس عن فقه التنـزيل.

كما أنه أغفل أهم مقوم من مقومات التنـزيل، وهو تحقيق المناط، وكذا اعتبار المآل.

ويعذر الباحث لكون رسالته حول الفكر المقاصدي وليس فقه التنزيل.

القسـم الثاني: المؤلفات التي تطرقت إلى الاجتهاد والفقه عند الإمام ابن تيمية: [ ص: 25 ]

1- أول مسألة يلاحظها أي باحث في المنهج الأصولي والاجتهادي والفقهي عند الإمام ابن تيمية هي قلة البحوث في هذا الصدد مقارنة بتلك التي أنجزت في العقيدة والفرق، ويعود هذا إلى أن الإمام ابن تيمية، بالإضافة إلى اشتغاله بالإفتاء، كان محاربا للفرق المبتدعة متمكنا من أصولها أكثر من أهلها، بل إن الإمام ابن تيمية عرف كلاميا أكثر منه فقهيا.

2- فينضـوي في هـذا القسـم كتاب "معالم وضوابط الاجتهاد عند شيخ الإسـلام ابن تيميـة" للأستـاذ علاء الدين حسـين رحال، وهو كتاب مطبوع، أصله بحث تكميلي لنيل درجة الدكتوراه في أصول الفقه بكلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، ولم يعرج فيه الكاتب على فقه التنـزيل ولو بشكل غير مباشر، بل ركز على الاجتهاد الاستنباطي والمقاصدي للإمام ممثلا له باجتهاداته في الطلاق وغيرها.

3 - كتاب منهج ابن تيمية في الفقه لسعود العطيشان، تحدث فيه الكاتب عن المنهج العام نحو الالتزام بالكتاب والسنة وفهم النصوص على مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وغيرها، كما تحدث عن الأصول وموقف ابن تيمية منها، ثم تحدث عن جهود ابن تيمية وإنجازاته الفقهية، وكذا بعض المباحث الأخرى، والباحث في كل هذه المباحث لم يدرج على فقه التنـزيل عند الإمام ابن تيمية. [ ص: 26 ]

4 - كتاب القواعد الأصولية عند ابن تيمية وتطبيقاتها في المعاملات التقليدية والاقتصاديات المعاصرة، للدكتور محمد التمبكتي، وهو أول كتاب في استخراج القواعد الأصولية عند الإمام -حسب ما توصلت إليه-.

أما الدراسات المنجزة حول موضوع التنـزيل عموما فهي محدودة، أهمها دراسات الأستاذ عبد المجيد النجار، التي تعد رائدة في الموضوع، وقد وقع بين يدي منها مايلي:

1 - كتاب "فقه التدين فهما وتنـزيلا" خصص لموضوع التنـزيل الباب الثاني من كتابه، وقد تحدث الأستاذ في هذا الباب عن فقه الصياغة في العقيدة وفقه الصياغة في الشريعة.

2-كتاب "في المنهج التطبيقي للشريعة الإسلامية (تنـزيلا على الواقع الراهن)"، تحدث فيه عن الأسس العامة لمنهج الفهم ولمنهج التطبيق ثم عقد مقارنة لمنهج الفهم والتطبيق بين التراث والواقع، وعرض في الفصل الثاني من كتابه الأسس المنهجية لتطبيق الشريعة في الواقع الراهن.

3- كتاب "خلافة الإنسان بين الوحي والعقل: بحث في جدلية النص والعقل والواقع" وقد خصص الأستاذ لموضوع التنـزيل الفصل الثاني من كتابه في حوالي سبع عشرة صفحة تقريبا، بين فيه مفهوم التنـزيل وأسسه والاجتهاد فيه.

4- كتاب "مراجعات في الفكر الإسلامي"، وقد خصص الأستاذ الباب الثاني من كتابه للمراجعات في الفكر الشرعي، معنونا الفصل الثالث [ ص: 27 ] منه: تنـزيل الحكم الشرعي في معادلة الثبات والتغير، وتحدث فيه عن أسس التنـزيل معتبرا أهم الأسس تتمثل في: الامتثال لأمر الله، وتحقق المناط، وتحقق المقاصد، ثم تحدث عن الثبات في تنـزيل الأحكام مبينا أن الأحكام الثابتة هي الأحكام الإيمانية، والأحكام غير معقولة المعنى، والأحكام التي لاتتخلف مقاصدها، وتحدث في الأخير عن التغـير في تنـزيل الأحكام مبينا أن التغير قد يكون راجعا إلى تغير المناط إما بانقطاعه أو بتغـير أوصافه مما يترتب عنه تغير التنـزيل، أو إلى أيلولة المقاصد، ثم عرض لمجموعة من القواعد لاستكشاف المآل. [1]

فهذه الكتابات ألفها الأستاذ أصالة عن فقه التنـزيل، والمؤلفات تبعا في الموضوع تناولها في كتب أخرى نحو "فصول في الفكر الإسلامي بالمغرب".

ويلاحظ على كتابات الأستاذ النجار أنه اهتم بموضوع بكر بمنهج مراجعاتي بنائي في آن، لكن مع ذلك ما زال الموضوع يحتاج إلى تأصيل المفهوم وبيان الجوانب الإجرائية.

ومن أهم ما ألف حول موضوع التنـزيل عموما أطروحة الأستاذ فريد شكري الموسومة بـ"فقه التنـزيل"، تحدث فيهـا عن تأصيـل مصطلح فقه التنـزيل، وكذا مقوماته التي حصرها في: تحقيق المناط وفقه الواقع واعتبار المآل. [ ص: 28 ]

القسم الرابع من الدراسات وهي تلكم التي تحدثت عن فقه التنـزيل عند إمام من الأئمة، أو بالأحرى عند الإمام الشاطبي، لأني لم أعثر على دراسة منجزة على إمام آخر، فهي:

1 - مقال منشور في العدد الأول من مجلة (الموافقات) عنوانه "فقه التطبيق لأحكام الشريعة الإسلامية عند الإمام الشاطبي" للأستاذ عبد المجيد النجار، ويمكن تقسيم بحثه إلى قسمين: القسم الأول يمكن اعتباره بمثابة دراسة مقارنة بين الإمام الشاطبي وجمهور الأصوليين لبيان الاهتمام النوعي للأول بالجانب التطبيقي وكذا السبق المعرفي له، والقسم الثاني هو الذي تحدث فيه عن أصول المنهج التطبيقي عند الإمام الشاطبي.

2 - البعد التنـزيلي في التنظير الأصولي عند الإمام الشاطبي للأستاذ بلخير عثمان، وأصل الكتاب بحث مقدم لنيل درجة الماجستير في الفقه وأصوله، تحدث في الفصل التمهيدي عن مصطلح التنـزيل والتنظير الأصولي والتعريف بالإمام الشاطبي، وخصص الفصل الأول للحديث عن مفهوم التنـزيل ومحاوره عند الإمام الشاطبي، والفصل الثاني للحديث عن مسالك تسديد تنـزيل أحكام الشريعة عند الإمام الشاطبي. وأول ملاحظة يلاحظها القارئ لهذا الكتاب هو استفادته الكبيرة من مقال الأستاذ عبد المجيد النجار المذكور.

فهذا ما استطعت الوقـوف عليه من دراسـات عن إمام من الأئمة مما يدل أن موضوع فقه التنـزيل ما زال بكرا، مما يتطلب تعميق البحث فيه تأصيلا وتفصيلا وتمثيلا. [ ص: 29 ]

أما عن الصعوبات فلا يخلو بحث منها، ويمكن بيانها فيما يأتي:

1 - عدم تخصيص الإمام ابن تيمية لمؤلف جامع في أصول الفقه، وكذا تفرق مادته النظرية في ثنايا كتاباته، بل وقد يجد القارئ بعض الإشارات التأصيلية المهمة في كتاب مخصص للرد على الشيعة أو على المنطقيـين، مما يتطلب قراءة كل مؤلفاته دون الاغتـرار بالمجال المعرفي لذلك الكتاب.

2 - كثرة المؤلفات التيمية الأمر الذي تطلب وقتا لجمعها - وقد تعذر علي الحصول على بعض مؤلفاته نحو "قاعدة في الاستحسان"- وكذا وقتا لقراءتها بل وإعادة قراءة بعضها، خصوصا أن الإمام لا ينضبط بمنهج معين، فقد تجد مادة فقـه التنـزيل في التفسير أو في الرد على المنطقيـين مما يتطلب قراءة جميع الكتب دون إغفال بعضها.

ولكن هذين العائقين سببهما الرئيس عنصر الزمن، وإلا فإنه من أسباب اختياري الموضوع رغبتي في الإطلاع على مؤلفات الإمام ابن تيمية.

3 - والعائق الثالث عائق منهجي، ذلك أني وجدت نظرية جاهزة في فقه التنـزيل فخفت أن أقع في الإسقاط الآلي لهذه النظرية على ابن تيمية.

وبالنسبة لخطة البحث، فقد اشتمـل البحث على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة.

أما الفصل الأول فقد تعرضت في المبحث الأول منه لترجمة الإمام ابن تيمية، وفي المبحث الثاني لمفهوم فقه التنـزيل، وخصصت الفصل الثاني [ ص: 30 ] من البحث للحـديث عن مقدمات فقه التنـزيل عند الإمام ابن تيمية، وكان ذلك في مبحثـين، فأفـردت المبحث الأول للحديث عن المقاصد، والثاني لفقه الواقع.

وتطرقت في الفصل الثالث لمقومات فقه التنـزيل، فتناولت المقوم الأول، الذي هو تحقيق المناط في المبحث الأول.

والمقوم الثاني، الذي هو اعتبار المآل في المبحث الثاني.

وفقه الموازنة والترجيح باعتباره مقوما ثالثا، في المبحث الثالث.

أما الخاتمة، فقد اشتملت على أهم نتائج البحث وخلاصاته.

وفيما يخص المنهج المتبع في البحث، فقد اعتمدت المنهج الاستقرائي الناقص حيث قمت بقراءة مجموعة فتاوى شيخ الإسلام، ومنهاج السنة النبوية، وقاعدة في المحبة، وكتاب الاستقامة، وكتاب الرد على المنطقيين، وبيان الدليل على بطلان نكاح التحليل، قراءة كاملة، وقرأت كتبا أخرى لشيخ الإسلام نحو درء تعارض العقل والنقل، والنبوات قراءة انتقائية لضيق الوقت، وكذا اكتفائي بالمادة العلمية الضخمة المتجمعة من الكتب المذكورة، مما جعلني أستغني بالقراءة الكاملة للكتب المذكورة.

ثم عمدت بعد ذلك إلى تحليل ما ينبغي تحليله، وتفصيل ما أجمل بيانه، وتجميع ما فرق شتاته، وتأصيل ما تجمعت أركانه، حتى استوى البحث على سوقه وخرج في الصورة التي هو عليها الآن. [ ص: 31 ]

وقد اتبعت في دراسة المصطلحات المنهج الآتي:

1- التعريف المعجمي: وقد رجعت فيه إلى المعاجم المعتمدة، مبينة الاشتقاقات والتصريفات ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

2- التعريف المصطلحي: وقد سلكت فيه مسلكين:

المسلك الأول: اعتماد تعريف الإمام ابن تيمية إذا وجد.

المسلك الثاني: في حالة غياب تعريف للإمام، أذكر تعريفات العلماء مع شرح ما يحتاج منها إلى شرح، ونقد ما يحتاج إلى نقد بغية التوصل إلى التعريف المختار.

وأسأل المولى جل جلاله أن يهب لنا علما نافعا يبلغنا رضاه، وعملا متقبـلا يكون لنا عـدة حين نلقاه، وأعـوذ بالله من علم لا ينفع وعمل لا يقبل.

وصل اللهم وسلم على سيد الخلق أجمعين، حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه الطاهرين الأكرمين. [ ص: 32 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية