الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فلو مأمونا لم تصح تولية غيره أشباه

التالي السابق


مطلب في عزل الناظر ( قوله : فلو مأمونا تصح تولية غيره ) قال في شرح الملتقى إلى الأشباه لا يجوز للقاضي عزل الناظر المشروط له النظر بلا خيانة ، ولو عزله لا يصير الثاني متوليا ويصح عزل الناظر بلا خيانة لو منصوب القاضي أي لا الواقف وليس للقاضي الثاني أن يعيده وإن عزله الأول بلا سبب لحمل أمره على السداد إلا أن تثبت أهليته ا هـ وأما الواقف فله عزل الناظر مطلقا به يفتي ولو لم يجعل ناظرا فنصبه القاضي لم يملك الواقف إخراجه كذا في فتاوى صاحب التنوير ا هـ بتصرف والتفصيل المذكور في عزل الناظر نقله في البحر عن القنية ، وذكر المرحوم الشيخ شاهين عن الفصل الأخير من جامع الفصولين إذا كان للوقف متول من جهة الواقف أو من جهة غيره من القضاة لا يملك القاضي نصب متول آخر بلا سبب موجب لذلك وهو ظهور خيانة الأول أو شيء آخر ا هـ . قال : وهذا مقدم على ما في القنية ا هـ أبو السعود قال وكذا الشيخ خير الدين أطلق في عدم صحة عزله بلا خيانة وإن عزله مولانا السلطان فعم إطلاقه ما لو كان منصوب القاضي . ا هـ . ط .

قلت : وذكر في البحر كلاما عن الخانية ثم قال عقبه وفيه دليل على أن للقاضي عزل منصوب قاض آخر بغير خيانة إذا رأى المصلحة ا هـ وهذا داخل تحت قول جامع الفصولين ، أو شيء آخر كما دخل فيه ما لو عجز أو فسق وفي البيري عن حاوي الحصيري عن وقف الأنصاري فإن لم يكن من يتولى من جيران الواقف وقرابته إلا برزق ويفعل واحد من غيرهم بلا رزق فذلك إلى القاضي ينظر فيما هو الأصلح لأهل الوقف ا هـ . .



مطلب لا يصح عزل صاحب وظيفة بلا جنحة أو عدم أهلية [ تنبيه ] قال في البحر واستفيد من عدم صحة عزل الناظر بلا جنحة عدمها لصاحب وظيفة في وقف بغير جنحة وعدم أهلية واستدل على ذلك بمسألة غيبة المتعلم ، من أنه لا تؤخذ حجرته ووظيفته على حالها إذا كانت غيبته ثلاثة أشهر ، فهذا مع الغيبة فكيف مع الحضرة والمباشرة و ستأتي مسألة الغيبة وحكم الاستنابة في الوظائف قبيل قول المصنف ولاية نصف القيم إلى الواقف ، وفي آخر الفن الثالث من الأشباه إذا ولى السلطان مدرسا ليس بأهل لم تصح توليته ; لأن فعله مقيد بالمصلحة خصوصا إن كان المقرر عن مدرس أهلا فإن الأهل لم ينعزل وصرح البزازي في الصلح ، بأن السلطان إذا أعطى غير المستحق فقد ظلم مرتين بمنع المستحق وأعطاه غير المستحق ا هـ ملخصا . .



مطلب في النزول عن الوظائف وذكر في البحر أيضا أن المتولي لو عزل نفسه عند القاضي ينصب غيره ولا ينعزل بعزل نفسه حتى يبلغ القاضي ومن عزل نفسه لفراغ لغيره عن وظيفة النظر أو غيرها ثم إن كان المنزول له غير أهل لا يقرره القاضي ولو أهلا [ ص: 383 ] لا يجب عليه تقريره وأفتى العلامة قاسم بأن من فرغ لإنسان عن وظيفته سقط حقه وإن لم يقرر الناظر المنزول له ا هـ فالقاضي بالأولى وقد جرى التعارف بمصر الفراغ بالدراهم ولا يخفى ما فيه وينبغي الإبراء العام بعده ا هـ ما في البحر ملخصا ، لكن ينافي هذا ما يأتي في الفصل من أن يتولى إذا أراد إقامة غيره مقامه لا يصح إلا في مرض موته وسيأتي تمام الكلام عليه مع الجواب عنه هناك مطلب لا بد بعد الفراغ من تقرير القاضي في الوظيفة وذكر صاحب البحر في بعض رسائله أن ما ذكره العلامة قاسم لم يستند فيه إلى نقل وأنه خولف في ذلك أي فلا بد من تقرير القاضي . وسئل في الخيرية عما إذا قرر السلطان رجلا في وظيفة كانت لرجل فرغ لغيره عنها بمال أجاب بأنها لمن قرره السلطان لا للمفروغ له إذ الفراغ لا يمنع تقريره سواء قلنا بصحته المتنازع فيها أو بعدمها الموافق للقواعد الفقهية كما حرره العلامة المقدسي ثم رأيت صريح المسألة في شرح منهاج الشافعية لابن حجر معللا بأن مجرد الفراغ سبب ضعيف لا بد من انضمام تقرير الناظر إليه ا هـ ملخصا . .



مطلب لو قرر القاضي رجلا ثم قرر السلطان آخر فالمعتبر الأول وأفتى في الخيرية أيضا بأنه لو قرر القاضي رجلا ثم قرر السلطان آخر فالعبرة لتقرير القاضي كالوكيل إذا نجز ما وكل فيه ثم فعله الموكل .



[ ص: 383 ] مطلب الناظر المشروط له التقدير مقدم على القاضي و أفتى أيضا بأن الناظر المشروط له التقرير لو قرر شخصا فهو المعتبر دون تقرير القاضي أخذا من القاعدة المشهورة : وهي أن الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة وبه أفتى العلامة قاسم ، وأما إذا لم يشترط الواقف له التقرير فالمعتبر تقرير القاضي . ا هـ . .



مطلب للمفروغ له الرجوع بمال الفراغ وأفتى في الخيرية أيضا بأنه لو فرغ عن الوظيفة بمال فللمفروغ له الرجوع بالمال لأنه اعتياض عن حق مجرد وهو لا يجوز صرحوا به قاطبة قال ومن أفتى بخلافه فقد أفتى بخلاف المذهب لبنائه على اعتبار العرف الخاص وهو خلاف المذهب والمسألة شهيرة وقد وقع فيها للمتأخرين رسائل واتباع الجادة أولى والله أعلم وكتب على ذلك أيضا كتابة حسنة في أول كتاب الصلح من الخيرية فراجعها وسيأتي تمام الكلام على ذلك في أول كتاب البيوع وحاصله جواز أخذ المال بلا رجوع .




الخدمات العلمية