الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4681 (13) باب الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

                                                                                              [ 2489 ] عن جابر قال: اقتتل غلامان : غلام من المهاجرين ، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجر - أو المهاجرون - : يا للمهاجرين! فنادى الأنصاري : يا للأنصار ! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذا ؟ ! دعوى أهل الجاهلية؟" قالوا: لا ، يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر ، قال: "فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه ، فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره" .

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 338 )، والبخاري (3518)، ومسلم (2584) (62)، والترمذي (3315)، والنسائي في الكبرى (8863).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (13 و 14 و 15) ومن باب : الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

                                                                                              (قوله : كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ) في الصحاح : [ ص: 559 ] الكسع : أن تضرب دبر الإنسان بيدك ، أو بصدر قدمك ، يقال : اتبع فلان أدبارهم يكسعهم بالسيف ، مثل : يكسؤهم ، أي : يطردهم ، ومنه قول الشاعر:


                                                                                              كسع الشتاء بسبعة غبر . . . . . . . . . . .

                                                                                              ووردت الخيل يكسع بعضها بعضا .

                                                                                              و (قوله : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما ") هذا من الكلام البليغ الوجيز الذي قل من ينسج على منواله ، أو يأتي بمثاله ، وأو فيه للتنويع والتقسيم ، وإنما سمي رد الظالم نصرا ، لأن النصر هو العون . ومنه قالوا : أرض منصورة ، أي : معانة بالمطر ، ومنع الظالم من الظلم عون له على مصلحة نفسه ، وعلى الرجوع إلى الحق ، فكان أولى بأن يسمى نصرا .

                                                                                              ودعوى الجاهلية : تناديهم عند الغضب ، والاستنجاد : يا آل فلان ! يا بني [ ص: 560 ] فلان ! وهي التي عنى بقوله : " دعوها فإنها منتنة " أي : مستخبثة ، قبيحة ، لأنها تثير التعصب على غير الحق ، والتقاتل على الباطل ، ثم إنها تجر إلى النار ، كما قال : " من دعا بدعوى الجاهلية فليس منا ، وليتبوأ مقعده من النار " . وقد أبدل [ ص: 561 ] الله من دعوى الجاهلية دعوى المسلمين ، فينادى : يا للمسلمين ! كما قال صلى الله عليه وسلم : " فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين " . وكما نادى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - حين طعن : يا لله ! يا للمسلمين ! . فإذا دعا بها المسلم وجبت إجابته ، والكشف عن أمره على كل من سمعه ؟ فإن ظهر أنه مظلوم نصر بكل وجه ممكن شرعي؛ لأنه إنما دعا للمسلمين لينصروه على الحق . وإن كان ظالما كف عن الظلم بالملاطفة والرفق ، فإن نفع ذلك ، وإلا أخذ على يده ، وكف عن ظلمه ؛ فإن الناس إذا رأوا الظالم ، فلم يأخذوا على يديه : أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ، ثم يدعونه فلا يستجاب لهم .




                                                                                              الخدمات العلمية