الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              باب قضية الحاكم لا تحل حراما ولا تحرم حلالا

                                                                              2317 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي لكم على نحو مما أسمع منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( وإنما أنا بشر ) أي : لا أعلم من الغيب إلا ما أطلعني الله - تعالى - عليه كما هو شأن البشر (أن يكون ) أن زائدة دخلت في خبر لعل تشبيها لها بعسى (ألحن ) أي : أفطن وأعرف بها أو أقدر على بيان مقصوده وأبين كلاما (فإنما أقطع له ) أي : أقطع له ما هو حرام عليه يفضيه إلى النار قال السيوطي في حاشية أبي داود : هذا في أول الأمر لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحكم بالظاهر ويكل سرائر الخلق إلى الله - تعالى - كسائر الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ثم خص - صلى الله عليه وسلم - بأن أذن له أن يحكم بالباطن أيضا ، وأن يقتل بعلمه خصوصية انفرد بها عن سائر الخلق بالإجماع ، قال القرطبي : أجمعت الأمة على أنه ليس لأحد أن يقتل بعلمه إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ا هـ . قلت : كلام القرطبي محمول على هذه الأمة ولا يشكل الأمر بقتل خضر فتأمل . فإن قيل : هذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - قد يقرر على الخطأ ، وقد أطبق الأصوليون على أنه لا يقرر عليه ! أجيب بأنه فيما حكم به بالاجتهاد هذا في فصل الخصومات بالبينة والإقرار والنكول ، قال السبكي : هذه قضية شرطية لا يستدعي وجودها ، بل معناه بيان ذلك . قال : ولم يثبت لنا قط أنه - صلى الله عليه وسلم - حكم بحكم ثم بان خلافه بوجه من الوجوه ، وقد صان الله - تعالى - أحكام نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك مع أنه لو وقع له لم يكن في ذلك محذور . قلت : الحكم بالظاهر واجب عليه في مثل ذلك ولا خطأ منه أصلا في ذلك ، وإنما الخطأ ممن أقام الحجة الباطلة ولو سلم فمن أين علم أنه يقرر عليه حتى توهم التنافي بين هذا وبين القاعدة الأصولية ؟ فيحتاج إلى الجواب ، إذ ليس في الحديث أزيد من إمكان القضاء فلعله لا يقرر على ذلك القضاء ، ويكون الأخذ بذلك مفضيا إلى النار في حق من يأخذ مال الغير .




                                                                              الخدمات العلمية