الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل :

[ بطلان الحيلة بالخلع لفعل المحلوف عليه ]

ومن الحيل الباطلة الحيلة على التخلص من الحنث بالخلع ، ثم يفعل المحلوف عليه في حال البينونة ، ثم يعود إلى النكاح ، وهذه الحيلة باطلة شرعا ، وباطلة على أصول أئمة الأمصار : أما بطلانها شرعا فإن هذا خلع لم يشرعه الله ولا رسوله ، وهو تعالى لم يمكن الزوج من فسخ النكاح متى شاء ; فإنه لازم ، وإنما مكنه من الطلاق ، ولم يجعل له فسخه إلا عند التشاجر والتباغض إذا خافا أن لا يقيما حدود الله ، فشرع لهما التخلص بالافتداء ; وبذلك جاءت السنة ، ولم يقع في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أصحابه قط خلع حيلة ، ولا في زمن التابعين ولا تابعيهم ، ولا نص عليه أحد من الأئمة الأربعة وجعله طريقا للتخلص من الحنث ، وهذا من كمال فقههم رضي الله عنهم فإن الخلع إنما جعله الشارع مقتضيا للبينونة ليحصل مقصود المرأة من الافتداء من زوجها ، وإنما يكون ذلك مقصودها إذا قصدت أن تفارقه على وجه لا يكون له عليها سبيل ، فإذا حصل هذا ثم فعل المحلوف عليه وقع وليست زوجته فلا يحنث ، وهذا إنما حصل تبعا للبينونة التابعة لقصدهما ، فإذا خالعها ليفعل المحلوف عليه لم يكن قصدهما البينونة ، بل حل اليمين ، وحل اليمين إنما يحصل تبعا للبينونة لا أنه المقصود بالخلع الذي شرعه الله ورسوله ، وأما خلع الحيلة فجاءت البينونة فيه لأجل [ حل ] اليمين ، وحل اليمين جاء لأجل البينونة ; فليس عقد الخلع بمقصود في نفسه للرجل ولا للمرأة ، والله تعالى لا يشرع عقدا لا يقصد واحد من المتعاقدين حقيقته ، وإنما يقصدان به ضد ما شرعه الله له ; فإنه شرع لتخلص المرأة من الزوج ، والمتحيل يفعله لبقاء النكاح ; فالشارع شرعه لقطع النكاح ، والمتحيل يفعله لدوام النكاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية