الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5335 سورة النساء : باب في قوله تعالى : « وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى

                                                                                                                              وقوله : « ويستفتونك في النساء

                                                                                                                              وهو في النووي ، في : (كتاب التفسير ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 154 ، 155 ج 18 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن ابن شهاب ؛ أخبرني عروة بن الزبير ؛ أنه سأل عائشة عن قول الله : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ، فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .

                                                                                                                              [ ص: 661 ] قالت : يا ابن أختي ! هي اليتيمة تكون في حجر وليها ، تشاركه في ماله ، فيعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها : بغير أن يقسط في صداقها ؛ فيعطيها مثل ما يعطيها غيره . فنهوا أن ينكحوهن ، إلا أن يقسطوا لهن ، ويبلغوا بهن : أعلى سنتهن من الصداق .

                                                                                                                              وأمروا : أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء ، سواهن .

                                                                                                                              قال عروة : قالت عائشة : ثم إن الناس استفتوا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، -بعد هذه الآية- فيهن : فأنزل الله عز وجل : ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن .

                                                                                                                              قالت : والذي ذكر الله تعالى -أنه يتلى عليكم في الكتاب- : الآية الأولى ، التي قال الله فيها : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ، فانكحوا ما طاب لكم من النساء .

                                                                                                                              قالت عائشة : وقول الله -في الآية الأخرى- : وترغبون أن تنكحوهن : رغبة أحدكم عن اليتيمة ، التي تكون في حجره -حين تكون قليلة المال والجمال- فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها : من يتامى النساء ، إلا بالقسط . من أجل رغبتهم عنهن ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عروة بن الزبير ؛ أنه سأل عائشة رضي الله عنها ، عن قول [ ص: 662 ] الله ، عز وجل : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع . قالت : يا ابن أختي ! هي اليتيمة تكون في حجر وليها ، تشاركه في ماله ، فيعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها : بغير أن يقسط ) أي : يعدل (في صداقها ؛ فيعطيها مثل ما يعطيها غيره . فنهوا أن ينكحوهن ، إلا أن يقسطوا لهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق ) أي : على أعلى عادتهن في مهورهن ، ومهور أمثالهن .

                                                                                                                              (وأمروا : أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء ، سواهن ) قال النووي : أي : ثنتين ثنتين ، أو ثلاثا ثلاثا ، أو أربعا أربعا ، وليس فيه : جواز جمع أكثر من أربع . انتهى .

                                                                                                                              وهذا الذي قاله : هو مذهب جمهور أهل العلم ، قديما وحديثا . ولكن في دلالة هذه الآية الشريفة - على عدم جواز جمع أكثر من أربع - نظر ، ذكرته في(فتح البيان ).

                                                                                                                              والحق أن الآية تدل على خلاف ما استدلوا به عليه . فالأولى : أن يستدل على تحريم الزيادة على الأربع : بالسنة ، لا بالقرآن . وهي حديث [ ص: 663 ] « غيلان الثقفي » عند أهل السنن ، وحديث « نوفل بن معاوية الديلي » أخرجه الشافعي في مسنده ، مع مقال فيهما . والله أعلم .

                                                                                                                              [ ص: 664 ] (قال عروة : قالت عائشة : ثم إن الناس استفتوا رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - بعد هذه الآية - فيهن : فأنزل الله عز وجل : « ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن قالت : والذي ذكر الله - أنه يتلى عليكم في الكتاب - : الآية الأولى ، التي قال الله فيها : « وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء . قالت عائشة : وقول الله تعالى - في الآية [ ص: 665 ] الأخرى - « وترغبون أن تنكحوهن : رغبة أحدكم عن يتيمته ، التي تكون في حجره - حين تكون قليلة المال والجمال - فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها : من يتامى النساء ، إلا بالقسط . من أجل رغبتهم عنهن ) .

                                                                                                                              فيه : أن العدل والإنصاف في حقوق اليتامى : من أعظم الأمور عند الله ، التي تجب مراعاتها ، وأن المخل بها : ظالم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية