الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 509 ] من قذف زوجته بزنا ولو في طهر وطئ فيه في قبل أو دبر فكذبته لزمه ما يلزم بقذف أجنبية ، وله إسقاطه بلعان ، ولو بقي سوط واحد ، ولو زنت قبل الحد . ويسقط بلعانه وحده ، ذكره في المغني والترغيب ، وله إقامة البينة بعد اللعان ويثبت موجبهما . وصفة اللعان أن يقول أربع مرات : أشهد بالله ، قيل : لقد زنت زوجتي هذه ، وذكره أحمد ، وقيل : إني لمن الصادقين . وقيل : بزيادة : فيما رميتها به من الزنا ( م 1 ) ويشير إليها ، فلا حاجة إلى تسمية ونسب [ ص: 510 ] ومع الغيبة يسميها وينسبها ، وفي الخامسة : أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . ثم تقول أربع مرات : أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا . وفي الخامسة : وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين وقيل : فيما رماني به من الزنا .

                                                                                                          وأخذ ابن هبيرة بالآية في ذلك ، ونقل ابن منصور : على ما في كتاب الله يقول أربع مرات : أشهد بالله إني فيما رميتها به [ من الزنا ] لمن الصادقين . ثم يوقف عند الخامسة فيقول : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . والمرأة مثل ذلك .

                                                                                                          وإن قذفها برجل بعينه سقط حقهما بلعانه ( هـ م ) ولو أعقله فيه ( ق ) وقيل لا حق لغيرها . فإذا نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئا ولو آتيا بأكثره ، وحكم حاكم ، أو بدأت قبله ، أو قدمت الغضب ، أو بدلته باللعنة ، أو قدم اللعنة أو أتى به قبل إلقائه عليه ، أو بغير حضرة حاكم أو نائبه ، أو بغير العربية من يحسنها ، وقيل : أو قدر يتعلمها قال ابن عقيل وغيره : أو علقه بشرط ، والأصح : أو أبدل لفظة أشهد بأقسم أو أحلف ، أو اللعنة بالإبعاد ، أو الغضب بالسخط .

                                                                                                          وفي الترغيب : [ ص: 511 ] أو عدمت موالاة الكلمات ، لم يصح . وأومأ في رواية ابن منصور أن الخامسة لا تشترط ، فينفذ حكمه ، لا على الأولى ، قاله في الانتصار ، ويصح من أخرس بإشارة أو كتابة مفهومة وعنه : لا ، اختاره الشيخ . وإن نطق وأنكر لعانه قبل فيما عليه ، وكذا إقراره بزنا . وفي معتقل لسانه مأيوس من نطقه وجهان ( م 2 ) . ولو قال : لم أرد قذفا ولعانا قبل في لعان في حد ونسب فقط ، ويلاعن لهما ، ومن رجا نطقه انتظر .

                                                                                                          وفي الترغيب : ثلاثة أيام . وفائدة مسألة صحة قذف الأخرس ولعانه أن عندنا نأمره باللعان ونحبسه إذا نكل حتى يلاعن ، ذكره في عيون المسائل ، وكلام غيره يقتضي أنه يحد [ ص: 512 ]

                                                                                                          ويسن قيامهما بحضرة جماعة ، وقيل : أربعة ، وأن يضع رجل يده عند الخامسة على فيه ، وامرأة يدها على فيها ، ويقول : اتق الله فإنها الموجبة . وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وهل يسن تغليظه بمكان وزمان ؟ فيه وجهان ( م 3 ) ، وخصهما في الترغيب بذمة ويبعث حاكم إلى الخفرة من يلاعن بينهما وفي عيون المسائل [ في مسألة فسخ الخيار بلا حضور الآخر ] للزوج أن يلاعن مع غيبتها وتلاعن مع غيبته .

                                                                                                          ومن قذف نساءه يفرد كل واحدة بلعان ، وعنه : يجزئه واحد ، وعنه : إن قذفهن بكلمة فيقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتكن به [ من الزنا ] وتجيب كل واحدة [ منهن ]

                                                                                                          [ ص: 509 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 509 ] باب اللعان ( مسألة 1 ) قوله : وصفة اللعان أن يقول أربع مرات : أشهد بالله . قيل لقد زنت زوجتي هذه ، وذكره أحمد ، وقيل : إني لمن الصادقين ، وقيل : بزيادة : فيما رميتها به من الزنا ، انتهى .

                                                                                                          الوجه الأخير هو الصحيح ، وبه قطع في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والشرح وشرح ابن منجى وابن رزين والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى .

                                                                                                          والوجه الأول ذكره الإمام أحمد ، وجزم به في المحرر والنظم والوجيز وغيرهم ، ولعله المذهب ، لذكر صاحب المذهب له [ ص: 510 ]

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) لم أطلع على من اختاره .

                                                                                                          ( تنبيه )

                                                                                                          قوله ، وقيل : إني لمن الصادقين ، كذا في النسخ ، وصوابه : " وإني " . بزيادة واو في أوله [ ص: 511 ]

                                                                                                          مسألة 2 قوله : وفي معتقل لسانه مأيوس من نطقه وجهان ، انتهى .

                                                                                                          وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمقنع والمحرر والشرح وشرح ابن منجى والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم .

                                                                                                          ( أحدهما ) يصح ، وهو الصحيح ، صححه في التصحيح والنظم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، واختاره الشيخ في المغني ، وجزم به في الوجيز والمنور ، قال في الكافي : هو كالأخرس .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) لا يصح ، وقال ابن رزين في شرحه : وإن قذفها وهو ناطق ثم خرس أو اعتقل لسانه وأيس منه صار كالأصلي ، وإن رجا زواله بقول عدلين مسلمين انتظرته ; لأنه محتمل ، وقيل في صحة لعان من اعتقل لسانه وأيس منه وجهان . انتهى . [ ص: 512 ]

                                                                                                          مسألة 3 قوله : وهل يسن تغليظه بمكان وزمان ؟ فيه وجهان ، انتهى

                                                                                                          ( أحدهما ) يسن ، وهو الصحيح ، جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والهادي والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى والشرح .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) لا يسن ، اختاره القاضي والشيخ الموفق أيضا ، فقدمه في الكافي ، وصححه في المغني ، وإليه ميل الشارح ، ( قلت ) : وهو الأصح دليلا




                                                                                                          الخدمات العلمية