الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي الوهبانية : وتبطل أوقاف امرئ بارتداده . [ ص: 400 ] فحال ارتداد منه لا وقف أجدر .

التالي السابق


مطلب في وقف المرتد ( قوله : وتبطل أوقاف امرئ بارتداده إلخ ) لا محل لذكره هنا ، ومحله أول الباب ، وقد ذكره هناك من الفتح . وحاصله مسألتان : إحداهما : لو وقف ، ثم ارتد والعياذ بالله تعالى بطل وقفه ، وإن عاد إلى الإسلام ، ما لم يعد وقفه بعد عوده لحبوط عمله بالردة ونظر فيه ابن الشحنة في شرحه بأن الحبوط في إبطال الثواب ، لا فيما تعلق به حق الفقراء ، وأجاب الشرنبلالي في شرحه بما في الإسعاف ، من أنه لما جعل آخره للمساكين وذلك قربة فبطل . ا هـ . [ ص: 400 ] قلت : وهذا الجواب غير ملاق للسؤال وإنما ذكره في الإسعاف جوابا عن سؤال آخر ، وهو أنه إذا وقفه على قوم بأعيانهم لم يكن قربة فأجاب بما ذكر . فالجواب الصحيح : أن الوقف على الفقراء قربة باقية إلى حال الردة والردة تبطل القربة التي قارنتها كما لو ارتد في حال صلاته أو صومه ، بخلاف ما إذا ارتد بعد صلاته أو صيامه ، فإنه لا يبطل نفس الفعل ، بل ثوابه فقط وأما حق الفقراء ، فإنما هو في الصدقة فقط ، فإذا بطل التصدق الذي هو معنى الوقف بطل حقهم ضمنا وإن كان لا يمكن إبطاله قصدا كما يبطل في خراب الوقف وخروجه عن المنفعة هذا ما ظهر لي فافهم .

الثانية : لو وقف في حال ردته فهو موقوف عند الإمام ، فإن عاد إلى الإسلام صح وإلا بأن مات أو قتل على ردته أو حكم بلحاقه بطل ، ولا رواية فيه عن أبي يوسف ، وعند محمد يجوز منه ما يجوز من القوم الذين انتقل إلى دينهم ويصح وقف المرتدة لأنها لا تقتل إلا أن يكون على حج أو عمرة ونحو ذلك فلا يجوز كما في شرح الوهبانية ملخصا ( قوله : فحال ارتداد ) منصوب على الظرفية متعلق باسم لا وأجدر أي أحق خبرها ، والمعنى لا يكون الوقف حال الردة أحق بالبطلان من الوقف قبلها بل ذاك أحق بالبطلان لعدم توقفه هذا ما ظهر لي فافهم والله سبحانه أعلم .




الخدمات العلمية