الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النوع الثاني الأحكام الثابتة للحمل في نفسه من ملك وتملك وعتق وحكم بإسلام واستلحاق نسب ونفيه وضمان ونفقة ، وهذا النوع هو مراد من يأن الخلاف في الحمل له حكم أم لا وبعض هذه الأحكام ثابتة بغير خلاف ولنذكر جملة من هذه الأحكام فمنها وجوب النفقة له فيجب نفقة الحمل على الأب وإن كانت أمة لا نفقة لها كالبائن بالاتفاق ، وهذه النفقة للحمل لا لأمه على أصح الروايتين وهي اختيار الخرقي وأبي بكر ، ولهذا يدور معه وجودا وعدما فعلى هذه يجب مع نشوز الأم وكونها حاملا من وطء شبهة أو نكاح فاسد ويجب على سائر من تجب عليه نفقة الأقارب مع فقد الأب بالموت أو الإعسار ذكره القاضي في خلافه وصاحب المحرر ، وتسقط بيسار الحمل إذا حكم له بملك ، ذكره القاضي أيضا في الخلاف وظاهر كلامه في كتاب الروايتين يخالف ذلك ويجب الإنفاق في مدة الحمل ولا يقف على الوضع نص عليه أحمد وخرج الآمدي وأبو الخطاب وجها إذا قلنا : لا حكم للحمل أنه لا يجب للحمل نفقة حتى ينفصل فترجع بها وهو ضعيف مصادم لقوله تعالى { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } وأما أم الولد إذا مات عنها سيدها وهي حامل فليست من هذا القبيل وإن كان أبو الخطاب ذكر في وجوب النفقة لها لأجل الحمل روايتين بل نفقة هذه من جنس نفقة الحامل المتوفى عنها ، وفيها أيضا روايتان وليس ذلك مبنيا على أن النفقة للحمل أو للحامل كما زعم ابن الزاغوني وغيره فإن نفقة الأقارب تسقط بالموت ولكن هذا من باب النفقة على المحبوسة بحق الزوج من ماله كنفقة البائن الحامل نعم إن يتوجه أن يقال إن قلنا النفقة للحامل وجبت كنفقة أم الولد والمتوفى عنها من التركة ; لأنهما محبوستان لحق الزوج فإذا وجبت لهما نفقة فهي من ماله وإن قلنا النفقة للحمل فهي على الورثة كما سبق ، وهذا عكس ما ذكره ابن الزاغوني وغيره وفي نفقة أم الولد الحامل ثلاث روايات عن أحمد : أحدها لا نفقة لها نقلها حرب وابن بختان .

والثاني : ينفق عليها من نصيب ما في بطنها نقلها محمد بن يحيى الكحال ، والثالثة إن لم تكن [ ص: 181 ] ولدت من سيدها قبل ذلك فنفقتها من جميع المال إذا كانت حاملا وإن كانت ولدت قبل ذلك فهي في عداد الأحرار ينفق عليها من نصيبها نقلها عنه جعفر بن محمد وهي مشكلة جدا ومعناها عندي والله أعلم أنها إذا كانت حاملا ولم تضع من سيدها قبل ذلك فنفقتها من جميع المال لما ذكرنا من حبسها على سيدها بالحمل فتكون النفقة عليه حيث لم يثبت استيلادها بعد ، ويجوز أن لا تصير أم ولد بالكلية وتسترق فإذا أنفق عليها من جميع المال فإن بين عتقها وقد استوفت الواجب لها وإن رقت لم يذهب على الورثة شيء من حيث أنفق على رقيقهم من مالهم وإن كانت ولدت قبل ذلك من سيدها فقد ثبت لها حكم الاستيلاد في حياة السيد وهو معنى قوله هي في عداد الأحرار ، وحينئذ يعتق لموت السيد بلا ريب فإيجاب نفقتها على ولدها أولى من إيجابها من مال سيدها ويزيده إيضاحا في المسألة الآتية

التالي السابق


الخدمات العلمية