الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل - : وإن كان رجل يورث كلالة ؛ يقرأ : " يورث " ؛ و " يورث " ؛ بفتح الراء؛ وكسرها؛ فمن قرأ : " يورث " ؛ بالكسر؛ فـ " كلالة " ؛ مفعول؛ ومن قرأ : " يورث " ؛ فـ " كلالة " ؛ منصوب على الحال؛ زعم أهل اللغة أن " الكلالة " ؛ من قولك : " تكلله النسب " ؛ أي : لم يكن الذي [ ص: 26 ] يرثه ابنه؛ ولا أباه؛ والكلالة سوى الولد؛ والوالد؛ والدليل على أن الأب ليس بكلالة قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        فإن أبا المرء أحمى له ... ومولى الكلالة لا يغضب



                                                                                                                                                                                                                                        وإنما هو كالإكليل الذي على الرأس؛ وإنما استدل على أن الكلالة ههنا الإخوة لأم؛ دون الأب؛ بما ذكر في آخر السورة أن للأختين الثلثين؛ وأن للإخوة كل المال؛ فعلم ههنا لما جعل للواحد السدس؛ وللاثنين الثلث؛ ولم يزادوا على الثلث شيئا ما كانوا؛ علم أنه يعني بهم الإخوة لأم؛ فإن ماتت امرأة وخلفت زوجا؛ وأما؛ وإخوة لأم؛ فللزوج النصف؛ وللأم السدس؛ وللإخوة من الأم الثلث؛ فإن خلفت زوجا؛ وأما؛ وإخوة لأب؛ وأم؛ وإخوة لأم؛ فإن هذه المسألة يسميها بعضهم " المسألة المشتركة " ؛ وبعضهم يسميها " الحمارية " ؛ قال بعضهم : إن الثلث الذي بقي للإخوة للأم دون الإخوة للأب والأم؛ لأن لهؤلاء الذين للأم تسمية؛ وهي الثلث؛ وليس للإخوة للأب والأم تسمية؛ فأعطيناهم الثلث؛ كما أنه لو مات رجل وخلف أخوين لأم؛ وخلف مائة أخ لأب وأم؛ لأعطي الأخوان للأم الثلث؛ وأعطي المائة الثلثين؛ فقد صار الإخوة للأم يفضلون في الأنصباء الإخوة للأب والأم الأشقاء؛ وقال بعضهم : الأم واحدة. [ ص: 27 ] وسموها " الحمارية " ؛ بأن قالوا : هب أباهم كان حمارا؛ واشتركوا بينه؛ فسميت " المشتركة " . وقوله - عز وجل - : غير مضار وصية من الله ؛ " غير " ؛ منصوب على الحال؛ المعنى : يوصي بها غير مضار؛ فمنع الله - عز وجل - من الضرار في الوصية؛ وروي عن أبي هريرة : " من ضار في وصية ألقاه الله في واد من جهنم - أو : من نار " ؛ فالضرار راجع في الوصية إلى الميراث؛ والله عليم حليم ؛ أي : عليم ما دبر من هذه الفرائض؛ حليم عمن عصاه بأن أخره؛ وقبل توبته؛ تلك حدود الله ؛ أي : الأمكنة التي لا ينبغي أن تتجاوز؛

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية