الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2523 [ ص: 613 ] 19 - باب: سؤال الحاكم المدعي: هل لك بينة؟ قبل اليمين 2666 ، 2667 - حدثنا محمد، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حلف على يمين وهو فيها فاجر، ليقتطع بها مال امرئ مسلم؛ لقي الله وهو عليه غضبان".

                                                                                                                                                                                                                              قال: فقال الأشعث بن قيس: في والله كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني، فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألك بينة؟". قال: قلت: لا. قال: فقال لليهودي: "احلف". قال: قلت: يا رسول الله، إذا يحلف ويذهب بمالي. قال: فأنزل الله تعالى: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية. [آل عمران: 77]. [انظر: 2356، 2357 - مسلم: 138 - فتح: 5 \ 279]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عبد الله بن مسعود في الحلف على اليمين الفاجرة، وقد سلف في الشركة.

                                                                                                                                                                                                                              وشيخ البخاري فيه محمد عن أبي معاوية هو ابن سلام، صرح به في "الأطراف".

                                                                                                                                                                                                                              قال الجياني: وكذا نسبه أبو علي بن السكن . قلت: ورواه الإسماعيلي، عن القاسم، عن أبي كريب محمد بن العلاء، عن أبي معاوية، فيجوز أن يكون هو، وإنما يلزم الحاكم أن يسأل المدعي: ألك بينة؟ للإقناع; ولأنه جعل البينة على المدعي.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 614 ] وأجمعت الأمة على القول بذلك، وأنه لا يقبل دعوى أحد دون بينة، وقال المهلب: معنى سؤالها قبل اليمين خوفا أن يحلف له المطلوب ثم يأتي بعد ذلك المدعي ببينة، فيأخذ منه حقه، فيكذب في يمينه فيستحق بها العقاب، إن شاء أنفذ عليه الوعيد، ثم يؤخذ المال منه فهو له كالظلم، فإذا سأله: هل لك بينة؟ فقال: لا. لم يكن له الرجوع عليه ببينة إلا أن يحلف أنه ما علم هذا يوم قال: لا. وسيأتي اختلاف العلماء في هذه المسألة بعد، إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                              واختلف العلماء في المدعي يثبت البينة على ما يدعيه: هل للحاكم أن يستحلفه مع بينته أم لا؟

                                                                                                                                                                                                                              فكان شريح وإبراهيم النخعي يريان أن يستحلف مع بينته أنها شهدت بحق، وقد روى ابن أبي ليلى عن الحكم، عن حنش: أن عليا استحلف عبيد الله بن الحر مع بينته.

                                                                                                                                                                                                                              وهو قول الأوزاعي والحسن بن حي. وقال إسحاق: إذا استراب الحاكم أوجب ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              وذهب مالك والكوفيون والشافعي وأحمد: أنه لا يمين عليه، والحجة لهم حديث الباب؛ من حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يقل للأشعث: وتحلف مع البينة. فلم يوجب على المدعي غير البينة، وأيضا قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء الآية [النور: 4]، فأبرأه الله من الجلد بإقامة أربعة شهداء من غير يمين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 615 ] فائدة:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (من حلف على يمين)؛ أي: بيمين، والفاجر: الكاذب، وأصل الفجور: الميل عن القصد، وقيل: الانبعاث في المعاصي وهو بمعناه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (ليقتطع بها مال مسلم)؛ خص المسلم; لأنه أكثر من يعامل، وإلا فلا فرق.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فجحدني)؛ فيه: أن الخصم يتكلم في خصمه فيما هو شأن الخصوم، ولا يعاقب فيقول: ظلمني وأخذ متاعي ونحوه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية