الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          كتاب الشهادات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في الشهداء أيهم خير

                                                                                                          2295 حدثنا الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبي عمرة الأنصاري عن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك نحوه وقال ابن أبي عمرة قال هذا حديث حسن وأكثر الناس يقولون عبد الرحمن بن أبي عمرة واختلفوا على مالك في رواية هذا الحديث فروى بعضهم عن أبي عمرة وروى بعضهم عن ابن أبي عمرة وهو عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري وهذا أصح لأنه قد روي من غير حديث مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن زيد بن خالد وقد روي عن ابن أبي عمرة عن زيد بن خالد غير هذا الحديث وهو حديث صحيح أيضا وأبو عمرة مولى زيد بن خالد الجهني وله حديث الغلول وأكثر الناس يقولون عبد الرحمن بن أبي عمرة [ ص: 475 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 475 ] ( أبواب الشهادات إلخ ) هي جمع شهادة ، وهي مصدر شهد يشهد قال الجوهري : الشهادة خبر قاطع ، والمشاهدة المعاينة مأخوذة من الشهود أي الحضور ; لأن الشاهد مشاهد لما غاب عن غيره ، وقال في المغرب : الشهادة الإخبار بصحة الشيء عن مشاهدة وعيان ، ويقال : شهد عند الحاكم لفلان على فلان بكذا شهادة ، فهو شاهد وهم شهود وأشهاد ، وهو شهيد وهم شهداء .

                                                                                                          قوله : ( عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ) الأنصاري المدني القاضي ثقة من الخامسة ( عن أبيه ) هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري البخاري بالنون والجيم المدني القاضي اسمه وكنيته واحد وقيل إنه يكنى أبا محمد ، ثقة عابد من الخامسة ( عن عبد الله بن عمرو بن عثمان ) الأموي يلقب بالمطرف بضم الميم وسكون المهملة وفتح الراء ، ثقة شريف من الثالثة ( عن أبي عمرة ) وفي الرواية الآتية ابن أبي عمرة وهذا هو الأصح كما صرح به الترمذي قال في التقريب : أبو عمرة الأنصاري عن زيد بن خالد صوابه عن ابن أبي عمرة واسمه عبد الرحمن ، وقال في تهذيب التهذيب : أبو عمرة الأنصاري وقيل ابن أبي عمرة وقيل عبد الرحمن بن أبي عمرة روى عن زيد بن خالد الجهني ألا أخبركم بخير الشهداء وعنه عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، أخرج الجماعة سوى البخاري حديثه من رواية أبي بكر بن حزم عن ابن أبي عمرة عن زيد بن خالد ، وسماه بعضهم في روايته عبد الرحمن ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( بخير الشهداء ) جمع شاهد ( الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها ) بصيغة المجهول أي [ ص: 476 ] قبل أن يطلب منه الشهادة ، قال النووي وفي المراد بهذا الحديث تأويلان أصحهما وأشهرهما تأويل مالك وأصحاب الشافعي أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له ، والثاني أنه محمول على شهادة الحسبة وذلك في غير حقوق الآدميين المختصة بهم ، فمما تقبل فيه شهادة الحسبة الطلاق والعتق والوقف والوصايا العامة والحدود ونحو ذلك ، فمن علم شيئا من هذا النوع وجب عليه رفعه إلى القاضي وإعلامه به والشهادة قال الله تعالى وأقيموا الشهادة لله وكذا في النوع الأول يلزم من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها أن يعلمه إياها لأنه أمانة له عنده ، وحكى تأويلا ثالثا أنه محمول على المجاز والمبالغة في أداء الشهادات بعد طلبها لا قبله ، كما يقال : الجواد يعطي قبل السؤال أي يعطي سريعا عقب السؤال من غير توقف ، انتهى .

                                                                                                          ( وقال ابن أبي عمرة ) أي قال عبد الله بن مسلمة في روايته عن مالك بن أبي عمرة مكان أبي عمرة واسم ابن أبي عمرة عبد الرحمن ، قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه مسلم ومالك وأحمد وأبو داود وابن ماجه ( وأكثر الناس يقولون ) في رواياتهم ( عبد الرحمن بن أبي عمرة ) أي كما قال عبد الله بن مسلمة في روايته ( واختلفوا ) أي أصحاب مالك في رواية هذا الحديث عنه ( فروى بعضهم عن أبي عمرة ) كمعن ( وروى بعضهم عن ابن أبي عمرة ) كعبد الله بن مسلمة عند الترمذي ويحيى بن يحيى عند مسلم ( وهذا أصح عندنا ) أي رواية من روى عن مالك بلفظ : عن ابن أبي عمرة أصح من رواية من روى عنه بلفظ عن أبي عمرة ( لأنه ) أي لأن هذا الحديث ( قد روي من غير حديث مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن زيد بن خالد ) رواه الترمذي بعد هذا ، فهذه الرواية تؤيد رواية من روى عن مالك بلفظ عن ابن أبي عمرة ، فقد روى عن أبي عمرة عن زيد بن خالد غير هذا الحديث ، أي غير حديث الشهادة المذكور في الباب ( وأبو عمرة هو مولى زيد بن خالد الجهني ) أي [ ص: 477 ] أبو عمرة الذي روى عنه عن زيد بن خالد غير حديث الشهادة المذكور ، هو مولى زيد بن خالد .

                                                                                                          ( وله ) أي لزيد بن خالد الجهني ( حديث الغلول ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه كلهم من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني : أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صلوا على صاحبكم ، فتغيرت وجوه الناس لذلك ، فقال إن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين ( لأبي عمرة ) أي مولى زيد بن خالد يعني أن حديث زيد بن خالد هذا في الغلول ، رواه عنه مولاه أبو عمرة .




                                                                                                          الخدمات العلمية