الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 523 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ( 22 ) )

يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ترى يا محمد الكافرين بالله يوم القيامة ( مشفقين مما كسبوا ) يقول : وجلين خائفين من عقاب الله على ما كسبوا في الدنيا من أعمالهم الخبيثة . ( وهو واقع بهم ) يقول : والذين هم مشفقون منه من عذاب الله نازل بهم ، وهم ذائقوه لا محالة .

وقوله : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ) يقول - تعالى ذكره - : والذين آمنوا بالله وأطاعوه فيما أمر ونهى في الدنيا في روضات البساتين في الآخرة . ويعني بالروضات : جمع روضة ، وهي المكان الذي يكثر نبته ، ولا تقول العرب لمواضع الأشجار رياض؛ ومنه قول أبي النجم .


والنغض مثل الأجرب المدجل حدائق الروض التي لم تحلل



يعني بالروض : جمع روضة . وإنما عنى - جل ثناؤه - بذلك : الخبر عما هم [ ص: 524 ] فيه من السرور والنعيم .

كما : حدثني محمد بن سعد قال : ثنى أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ) إلى آخر الآية . قال في رياض الجنة ونعيمها .

وقوله : ( لهم ما يشاءون عند ربهم ) يقول للذين آمنوا وعملوا الصالحات عند ربهم في الآخرة ما تشتهيه أنفسهم ، وتلذه أعينهم ، ذلك هوالفوز الكبير ، يقول - تعالى ذكره - : هذا الذي أعطاهم الله من هذا النعيم ، وهذه الكرامة في الآخرة : هو الفضل من الله عليهم ، الكبير الذي يفضل كل نعيم وكرامة في الدنيا من بعض أهلها على بعض .

التالي السابق


الخدمات العلمية