الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5058 ) مسألة ; قال : : ( وإذا مات وعنده وديعة لا تتميز من ماله ، فصاحبها غريم بها ) وجملته أن الرجل إذا مات ، وثبت أن عنده وديعة لم توجد بعينها ، فهي دين عليه ، يغرم من تركته ، فإن كان عليه دين سواها ، فهي والدين سواء فإن وفت تركته بهما ، وإلا اقتسماها بالحصص . وبهذا قال الشعبي ، والنخعي ، وداود بن أبي هند ، ومالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابه وإسحاق .

                                                                                                                                            وروي ذلك عن شريح ، ومسروق ، وعطاء ، وطاوس ، والزهري ، وأبي جعفر محمد بن علي . وروي عن النخعي : الأمانة قبل الدين . وقال الحارث العكلي : الدين قبل الأمانة . ولنا ، أنهما حقان وجبا في ذمته ، فتساويا كالدينين ، وسواء وجد في تركته من جنس الوديعة أو لم يوجد . وهذا إذا أقر المودع أن عندي وديعة أو علي وديعة لفلان ، أو ثبت ببينة أنه مات وعنده وديعة ، فأما إن كانت عنده وديعة في حياته ، ولم توجد بعينها ، ولم يعلم هل هي باقية عنده أو تلفت . ففيه وجهان ; أحدهما ، وجوب ضمانها ; لأن الوديعة يجب ردها .

                                                                                                                                            إلا أن يثبت سقوط الرد بالتلف [ ص: 307 ] من غير تعد ، ولم يثبت ذلك ، ولأن الجهل بعينها كالجهل بها ، وذلك لا يسقط الرد . والثاني ، لا ضمان عليه ; لأن الوديعة أمانة ، والأصل عدم إتلافها والتعدي فيها ، فلم يجب ضمانها . وهذا قول ابن أبي ليلى ، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي . وظاهر المذهب الأول ; لأن الأصل وجوب الرد ، فيبقى عليه ، ما لم يوجد ما يزيله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية