الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( nindex.php?page=treesubj&link=77ولا تغسل العين ، ومن أصحابنا من قال : يستحب غسلها ، لأن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما كان يغسل عينه حتى عمي ، والأول أصح لأنه لم ينقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا ولا فعلا ، فدل على أنه ليس بمسنون ، ولأن غسلها يؤدي إلى الضرر ) .
( الشرح ) هذا الأثر عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما صحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك [ ص: 404 ] في الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ( كان إذا اغتسل من الجنابة يتوضأ فيغسل وجهه وينضح في عينيه ) هذا لفظه وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره ، وليس في رواياتهم ( حتى عمي ) وفيها وينضح في عينيه بالتثنية ، وفي المهذب عينه بالإفراد . وقول المصنف ( حتى عمي ) يحتمل أن يكون عماه بسبب غسل العين كما هو السابق إلى الفهم وكما يدل عليه كلام أصحابنا ، ويحتمل كونه بسبب آخر ويكون معناه ما زال يغسلهما حتى حصل سبب عمي به فترك بعد ذلك غسلهما ، ففي تهذيب اللغة للأزهري قال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : القدع انسلاق العين من كثرة البكاء ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر قدعا .
( قلت ) القدع بفتح القاف والدال وبالعين المهملتين وقوله : " كان قدعا بكسر الدال فظاهر هذا أنه عمي بالبكاء ، ويحتمل أنه بالأمرين والله أعلم .
( أما حكم المسألة ) فلا يجب nindex.php?page=treesubj&link=77غسل داخل العين بالاتفاق ، وفي استحبابه الوجهان اللذان ذكرهما المصنف أصحهما عند الجمهور : لا يستحب ، وممن صححه المصنف والماوردي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والمتولي والشاشي والرافعي وآخرون ، ونقله الماوردي عن أصحابنا المتقدمين غير الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد ، وصححت طائفة الاستحباب وقطع به الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والبندنيجي والمحاملي في المجموع والتجريد والبغوي وصاحب العدة ونقله البغوي عن نصه في الأم ، وليس نصه في الأم ظاهرا فيما نقله فإنه قال في الأم : إنما أكدت المضمضة والاستنشاق دون غسل العينين للسنة ، ولأن الفم والأنف يتغيران وأن الماء يقطع من تغيرهما ، وليس كذلك العين . وذكر القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب أن بعض الأصحاب قال : يستحب ذلك لأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نص عليه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي : ولم أر فيه نصا وإنما قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أكدت المضمضة والاستنشاق على غسل داخل العينين والله أعلم .
( فرع ) هذا الذي ذكرناه إنما هو في غسل داخل العين ، أما nindex.php?page=treesubj&link=77مآقي العينين فيغسلان بلا خلاف ، فإن كان عليهما قذى يمنع وصول الماء إلى المحل [ ص: 405 ] الواجب من الوجه وجب مسحه وغسل ما تحته وإلا فمسحهما مستحب . هكذا فصله الماوردي ، وأطلق الجمهور أن غسلهما مستحب ونقله الروياني عن الأصحاب فقال : قال أصحابنا يستحب مسح مآقيه بسبابتيه ، وهذا الإطلاق محمول على تفصيل الماوردي . وعن أبي أمامة رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=6210أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان يمسح المأقين في وضوئه } رواه أبو داود بإسناد جيد ولم يضعفه ، وقد قال : إنه إذا لم يضعف الحديث يكون حسنا أو صحيحا لكن في إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب وقد جرحه جماعة لكن وثقه الأكثرون وبينوا أن الجرح كان مستندا إلى ما ليس بجارح والله أعلم .