الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          باب جامع الإيمان أي : مسائلها ( ويرجع فيها ) أي الأيمان ( إلى نية حالف ) فهي مبناها ابتداء ( ليس بها ) أي : اليمين أو النية ( ظالما ) نصا مظلوما كان أو لا وأما الظالم الذي يستحلفه حاكم بحق عليه فيمينه على ما يصدقه صاحبها وتقدم ( إذا احتملها ) أي : النية ( لفظه ) [ ص: 450 ] أي : الحالف ( كنيته بالسقف والبناء السماء و ) كنيته ( بالفراش و ) ب ( البساط الأرض و ) كنيته ( باللباس الليل ) وبالأخوة أخوة الإسلام وما ذكرت فلانا أي قطعت ذكره وما رأيته أي : ضربت رئته .

                                                                          ( و ) كنيته ( بنسائي طوالق أقاربه النساء و ) كنيته ( بجواري أحرار سفنه ) وبقوله ما كاتبت فلانا مكاتبة الرقيق وبما عرفته ما جعلته عريفا وبما أعلمته أي جعلته أعلما أي : شققت شفته وبما سألته حاجة أي : شجرة صغيرة وبما أكلت له دجاجة الكبة من الغزل وبالفروجة الدراعة وبالفراش صغار الإبل والحصر الحبس وبالبارية السكين يبري بها ونحره ( ويقبل حكما ) دعوى إرادة ما ذكره ( مع قرب احتمال ) منويه ( من ظاهر ) لفظه .

                                                                          ( و ) مع ( توسطه ) أي الاحتمال بأن لم يكن قريبا ولا بعيدا ( فيقدم ) ما نواه ( على عموم لفظه ) لأنه نوى بلفظه ما يحتمله ويسوغ لغة التعبير به عنه فانصرفت يمينه إليه والعام قد يراد به الخاص كقوله تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم } فالناس الأول أريد به نعيم بن مسعود الأشجعي .

                                                                          والناس الثاني أبو سفيان وأصحابه وكقوله : { تدمر كل شيء بأمر ربها } ولم تدمر السماء ولا الأرض ولا مساكنهم والخاص قد يراد به العام كقوله تعالى : { ما يملكون من قطمير } { لا تظلمون فتيلا } - { فإذن لا يؤتون الناس نقيرا } والقطمير لفافة النواة والفتيل ما في شقها والنقير النقرة التي في ظهرها ولم يرد ذلك بعينه بل كل شيء وحيث احتمله اللفظ وجب صرف اليمين إليه بالنية لحديث { إنما لكل امرئ ما نوى } ولأن كلام الشارع يحمل على ما دل دليل على إرادته به فكذا كلام غيره وأما ما لا يحتمله اللفظ أصلا كما لو حلف لا يأكل خبزا وقال أردت لا أدخل بيتا فلا أثر له لأنها نية مجردة لا يحتملها لفظه أشبه ما لو نواه بغير يمين وإن بعد الاحتمال لم تقبل دعوى إرادته حكما ويدين كما تقدم في التأويل

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية