الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 545 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون ( 37 ) والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ( 38 ) )

يقول - تعالى ذكره - : وما عند الله للذين آمنوا ( والذين يجتنبون كبائر الإثم ) ، وكبائر فواحش الإثم ، قد بينا اختلاف أهل التأويل فيها وبينا الصواب من القول عندنا فيها فى سورة النساء ، فأغنى ذلك عن إعادته ها هنا . ( والفواحش ) قيل : إنها الزنى .

ذكر من قال ذلك :

محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( والفواحش ) قال : الفواحش : الزنى .

واختلفت القراء في قراءة قوله : ( كبائر الإثم ) فقرأته عامة قراء المدينة على الجماع كذلك في النجم ، وقرأته عامة قراء الكوفة " كبير الإثم " على التوحيد فيهما جميعا؛ وكأن من قرأ ذلك كذلك ، عنى بكبير الإثم الشرك ، كما كان الفراء يقول : كأني أستحب لمن قرأ كبائر الإثم أن يخفض الفواحش ، لتكون الكبائر مضافة إلى مجموع إذ كانت جمعا ، وقال : ما سمعت أحدا من القراء خفض الفواحش .

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء على تقارب معنييهما ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .

وقوله : ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) يقول - تعالى ذكره - : وإذا ما غضبوا على من اجترم إليهم جرما ، هم يغفرون لمن أجرم إليهم ذنبه ، ويصفحون عنه عقوبة ذنبه .

وقوله : ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة ) يقول - تعالى ذكره - : [ ص: 546 ] والذين أجابوا لربهم حين دعاهم إلى توحيده ، والإقرار بوحدانيته والبراءة من عبادة كل ما يعبد دونه ( وأقاموا الصلاة ) المفروضة بحدودها في أوقاتها .

وكان ابن زيد يقول : عنى بقوله : ( والذين استجابوا لربهم ) . . . الآية الأنصار .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، وقرأ ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) قال : فبدأ بهم ( والذين استجابوا لربهم ) الأنصار ( وأقاموا الصلاة ) وليس فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وأمرهم شورى بينهم ) ليس فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية