الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 140 ] وسئل رحمه الله عن رجل له إقطاع من السلطان فزرعها لفلاح مشاطرة : هل يجوز الإشهاد بينهما ؟ أو أن بعض العدول امتنع من الإشهاد بينهما .

                وهل إذا اشترط على الفلاح .

                مثل دجاج أو خراق أو نحو ذلك من سائر الأصناف مع رضا الفلاح بذلك . هل يجوز ؟ أم لا ؟

                التالي السابق


                فأجاب : الحمد لله .

                دفع الأرض الملك والإقطاع أو غيرها إلى من يعمل فيها بشطر الزرع فيه قولان للعلماء ; لكن الصواب المقطوع به أن ذلك جائز ; فإن ذلك إجماع من الصحابة : آل أبي بكر وآل عمر وآل علي وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص وغيرهم وهو عمل المسلمين من عهد نبيهم .

                والرسول صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ذلك ; وإنما نهى عما إذا اشترط لرب المال زرع بقعة بعينها ; بل قد عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع .

                وقد ثبت عنه في الصحيح أنه شرط عليهم أن يعمروها من أموالهم .

                ولهذا كان الصواب أنها تجوز وإن كان البذر من العامل ; بل [ ص: 141 ] هذه المعاملة أحل من دفع الأرض بالمؤاجرة ; فإن كلاهما مختلف فيه والإجارة أقرب إلى الغرر ; لأن المؤجر يأخذ الأجرة والمستأجر لا يدري : هل يحصل له مقصوده أم لا ؟ بخلاف المشاطرة ; فإنهما يشتركان في المغنم والمغرم إن أنبت الله زرعا كان لهما وإن لم ينبت كان عليهما ومنفعة أرض هذا كمنفعة بذر هذا كما في المضاربة .

                ولا يجوز في المشاطرة أن يشترط على العامل شيء معين لا دجاج ولا غيره .

                وأما الشهادة على ذلك فإنها جائزة ولو كان الشاهد ممن لا يجيزها ; لأنه عنده مختلف فيه والشاهد يشهد بما جرى ; لا سيما والمحققون من أصحاب أبي حنيفة والشافعي على تجويزها كما هو مذهب فقهاء أهل الحديث .




                الخدمات العلمية