الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : واعلم أن المصلي سائرا إلى جهة غير القبلة يلزمه العدول إلى القبلة في أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يدخل بلدة ، أو البلد الذي هو غاية سفره فيلزمه استقبال القبلة فيما بقي من صلاته لزوال المعنى المبيح لتركها ، فإن أقام على ما كان عليه من العدول عنها بطلت صلاته ، ولكن لو دخل بلدا غير بلده مجتازا فيه بنى على صلاته إلى جهة سيره

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن ينوي المقام فيخرج من حكم السفر ، ويلزمه استقبال القبلة فيما بقي من صلاته فإن لم يفعل بطلت صلاته

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن ينتهي إلى المنزل الذي يريد أن ينزله في سفره ، لأنه وإن كان باقيا في الحكم فسيره قد انقطع فيلزمه استقبال القبلة فيما بقي منها ، فإن لم يفعل بطلت

                                                                                                                                            [ ص: 77 ] والحال الرابعة : أن يقف عن المسير لغير نزول إما استراحة عن كلال السير ، وإما انتظارا لو تأخر عن المسير فيلزمه استقبال القبلة فيما بقي منها ، لأن مسيره قد انقطع ، واستقبال القبلة لا يؤثر في حال وقوفه ، فإن سار بعد أن توجه إلى القبلة وقبل إتمام صلاته ، فإن كان ذلك لمسير القافلة جاز أن يتم باقيها إلى جهة سيره ويعدل عن القبلة لما في تأخره عن القافلة لإتمام الصلاة مع الإضرار به ، وإن كان هو المريد لإحداث المسير من غير ضرورة لم يجز أن يسير حتى تنتهي صلاته ، لأنه بالوقوف قد لزمه فرض التوجه في هذه الصلاة فلم يجز له إسقاطه من غير عذر ظاهر ، فيكون كالنازل إذا ابتدأ بالصلاة إلى القبلة ثم ركب سائرا لم يجز أن يبني على هذه الصلاة إلى غير القبلة ، لأن فرض التوجه إليها قد لزمه بالدخول فيها نازلا فلم يسقط بما أحدثه من الركوب سائرا

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية