الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          435 - مسألة : والصلاة جائزة على ظهر الكعبة ، وعلى أبي قبيس ، وعلى كل سقف بمكة ، وإن كان أعلى من الكعبة ، وفي جوف الكعبة أينما شئت منها ، الفريضة والنافلة سواء [ ص: 399 ] وقال مالك : لا تجوز الصلاة في جوف الكعبة ، الفرض خاصة ، وأجاز فيها التنفل والذي قلنا نحن : هو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وغيرهم . واحتج أتباع مالك بأن قالوا : إن من صلى داخل الكعبة فقد استدبر بعض الكعبة قال علي : إنما قال الله عز وجل { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } . فلو كان ما ذكره المالكيون حجة لما حل لأحد أن يصلي في المسجد الحرام ; لأنه هو القبلة بنص كلام الله تعالى في القرآن ، وكل من يصلي فيه فلا بد له من أن يستدبر بعضه - فظهر فساد هذا القول وأيضا : فإن كل من صلى إلى المسجد الحرام ، أو إلى الكعبة فلا بد له من أن يترك بعضها عن يمينه وبعضها عن شماله ، ولا فرق عند أحد من أهل الإسلام في أنه لا فرق بين استدبار القبلة في الصلاة ، وبين أن يجعلها على يمينه أو على شماله . فصح أنه لم يكلفنا الله عز وجل قط مراعاة هذا ، وإنما كلفنا أن نقابل بأوجهنا ما قابلنا من جدار الكعبة أو من جدار المسجد قبالة الكعبة حيثما كنا فقط - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن يوسف قال : أنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة وأسامة بن زيد ، وبلال ، وعثمان بن طلحة الحجبي ، فأغلقها عليه ومكث فيها ، فسألت بلالا حين خرج : ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم قال : جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة من ورائه ثم صلى } . قال علي : ما قال أحد قط إن صلاته المذكورة صلى الله عليه وسلم كانت إلى غير القبلة ، وقد نص [ ص: 400 ] عليه السلام على أن الأرض كلها مسجد ، وباطن الكعبة أطيب الأرض وأفضلها ، فهي أفضل المساجد وأولاها بصلاة الفرض والنافلة . ولا يجوز لغير الراكب ، أو الخائف ، أو المريض أن يصلي نافلة إلى غير القبلة ، والتفريق بين الفرض والنافلة بلا قرآن ولا سنة ولا إجماع خطأ - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          وكل مكان أعلى من الكعبة فإنما علينا مقابلة جهة الكعبة فقط ; وقد هدمت الكعبة لتجدد فما قال أحد ببطلان صلاة المسلمين

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية