الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل منزلة الحكمة

ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الحكمة .

قال الله تعالى : يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا [ ص: 448 ] وقال تعالى : وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما وقال عن المسيح عليه السلام : ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل .

الحكمة في كتاب الله نوعان : مفردة . ومقترنة بالكتاب . فالمفردة : فسرت بالنبوة ، وفسرت بعلم القرآن . قال ابن عباس رضي الله عنهما : هي علم القرآن : ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه . ومقدمه ومؤخره . وحلاله وحرامه . وأمثاله .

وقال الضحاك : هي القرآن والفهم فيه . وقال مجاهد : هي القرآن والعلم والفقه . وفي رواية أخرى عنه : هي الإصابة في القول والفعل .

وقال النخعي : هي معاني الأشياء وفهمها .

وقال الحسن : الورع في دين الله . كأنه فسرها بثمرتها ومقتضاها .

وأما الحكمة المقرونة بالكتاب : فهي السنة . وكذلك قال الشافعي وغيره من الأئمة .

وقيل : هي القضاء بالوحي . وتفسيرها بالسنة أعم وأشهر .

وأحسن ما قيل في الحكمة . قول مجاهد ، و مالك : إنها معرفة الحق والعمل به . والإصابة في القول والعمل .

وهذا لا يكون إلا بفهم القرآن ، والفقه ، في شرائع الإسلام ، وحقائق الإيمان .

والحكمة حكمتان : علمية ، وعملية . فالعلمية : الاطلاع على بواطن الأشياء . ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها ، خلقا وأمرا . قدرا وشرعا .

والعلمية كما قال صاحب " المنازل " وهي وضع الشيء في موضعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية