الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) قال ابن رشد في نوازله : المشهور المعلوم من مذهب مالك رضي الله عنه وأصحابه أن شهادة النساء في الأحباس عاملة ; لأن الأحباس من الأموال ولا اختلاف أن شهادة النساء في الأموال جائزة وإنما اختلف فيما جر إلى الأموال كالوكالة وإنما يتخرج أن شهادتهن غير عاملة في ذلك على مذهب ابن الماجشون وسحنون في أن شهادة النساء لا تجوز إلا حيث يجوز اليمين مع الشاهد إذا قلنا إن الحبس لا يستحق باليمين مع الشاهد ، وفي ذلك بين أهل العلم اختلاف انتهى . وقد عد ابن فرحون فيما يثبت بالشاهد والمرأتين والشاهد واليمين الحبس .

                                                                                                                            ص ( وإيصاء بتصرف فيه )

                                                                                                                            ش : ظاهر كلام الشيخ أن هذا مما يقبل فيه شاهد ويمين ، وامرأتان ويمين ، وشاهد وامرأتان ، ولكن الشارح بهرام والبساطي لم يذكرا الخلاف فيه إلا في الشاهد والمرأتين ، ومثل الإيصاء بالتصرف في المال الشهادة بالوكالة عليه كذا جمعهما ابن الحاجب واعلم أن ابن عبد السلام رحمه الله لما ذكر مراتب الشهادة قال ما نصه : الثالثة الأموال وما يئول إليها كالأجل والخيار والشفعة والإجارة وقتل الخطأ وما يتنزل منزلته مطلقا وجراح المال مطلقا وفسخ العقود ونجوم الكتابة وإن عتق بها فيجوز لرجل وامرأتين وكذلك الوكالة بالمال والوصية به على المشهور ا هـ قال في التوضيح : قوله وكذلك الوكالة بالمال أي وكله في حياته ليتصرف له والوصية به أي أوصاه بأنه يتصرف في أمواله بعد وفاته انتهى .

                                                                                                                            ولم يذكر المؤلف ولا ابن عبد السلام أن الشاهد واليمين يجوزان على الوكالة والوصية وإنما تكلما فيما تكلم عليه ابن الحاجب ثم إن ابن عرفة لما تكلم على هذه المسألة ذكر هذا الخلاف في الشاهد والمرأتين ولما تكلم في فصل الشاهد واليمين ذكر عن [ ص: 182 ] ابن رشد في أثناء كلامهما أنه قال : لا خلاف أنه لا يجوز الشاهد واليمين في الشهادة على الوكالة ، ثم لما فرغ من الكلام على مسألته قال : وقول ابن رشد لا خلاف أنه لا يجوز شاهد ويمين في الشهادة على الوكالة خلاف نقل اللخمي والمازري ، قال اللخمي : اختلف إذا شهد على وكالة من غائب هل يحلف الوكيل ؟ والمشهور أنه لا يحلف وهو أحسن إن كانت الوكالة بحق لغائب فقط ، وإن كانت مما يتعلق بها حق للوكيل لأن له على الغائب دينا أو ليكون ذلك المال بيده قراضا أو تصدق به عليه حلف واستحق إن أقر الموكل عليه بالمال للغائب وإن وكل على قضاء دين فقضاه بشاهد فجحده القابض حلف الوكيل وبرئ الغريم فإن نكل حلف الطالب وغرم الوكيل إن كان موسرا ، وإن كان معسرا حلف المطلوب وبرئ وكانت تباعة الطالب على الوكيل متى أيسر قلت فظاهر لفظ اللخمي أن الخلاف في الشاهد واليمين في الوكالة .

                                                                                                                            ، وقال المازري : معروف المذهب أن الشاهد واليمين لا يقضى به في الوكالة لكن منع القضاء بها ليس من ناحية تصور هذه الشهادة في القضاء بها في الوكالة بل لأن اليمين مع الشاهد فيها متعذرة ; لأن اليمين لا يحلفها إلا من له نفع والوكيل لا نفع له فيها وإن كان وقع في المذهب أن الوكيل يحلف مع شاهده بالوكالة وقبض الحق فتأول الأشياخ هذه الرواية على أن المراد بها وكالة بأجرة يأخذها الوكيل أو يقبض المال لمنفعة له فيها انتهى .

                                                                                                                            وقال في النوادر ومن العتبية قال سحنون قال أشهب : لا يقضى بشاهد ويمين في وكالة في مال ، قال ابن نافع عن مالك في المجموعة فيمن أقام شاهدا أنه أوصى إليه أنه لا يحلف معه ولا يثبت له ذلك إلا أن يراه الإمام أهلا لذلك فيوليه بغير يمين وقال في المدونة قال سحنون الوصايا والوكالة ليستا بمال إذ لا يحلف وصي ولا وكيل مع شاهد رب المال ، إذ المال لغيرهما انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية