الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( فصل ) هذا الفصل بمنزلة مسائل شتى تذكر في آخر الكتاب ( قوله ومن وهب أمة إلا حملها أو على أن يردها عليه أو يعتقها أو يستولدها أو دارا على أن يرد عليه شيئا منها أو يعوضه منها شيئا [ ص: 296 ] صحت الهبة وبطل الاستثناء والشرط ) لأن الاستثناء لا يعمل إلا في محل يعمل فيه العقد والهبة لا تعمل في الحمل لكونه وصفا فانقلب شرطا فاسدا والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة فدخل فيه كل عقد لا يبطل بالشروط الفاسدة كالنكاح والخلع والصدقة والصلح عن دم العمد والعتق فيصح ويبطل الاستثناء وخرج كل ما يبطله كالبيع والإجارة والرهن والكتابة وما يصح مع الاستثناء كالوصية والخلع فهذا ظهر أن استثناء الحمل في العقود على ثلاثة مراتب وأما إيراد العقد عليه بانفراده فلا يصح كالبيع والكتابة وإن قبلت الأم والهبة والصدقة وإن سلم الأم إلى الموهوب له أو المتصدق عليه والنكاح ويجب مهر المثل .

                                                                                        ولو صالح عن القصاص على ما في البطن فهو صحيح مبطل للقصاص وتجب الدية وعتقه منفردا صحيح إذا علم وجوده وقته كالوصية والخلع وإن لم يكن موجودا وقته فلا ويرجع عليها بما ساق لها من المهر إن قالت اخلعني على ما في بطن جاريتي من ولد وإن لم تقل من ولد فلا كذا في غاية البيان مختصرا وأشار المصنف إلى أنه لو أعتق ما في بطنها ثم وهبها جاز لأنه لم يبق الجنين على ملكه فأشبه الاستثناء ولو دبر ما في بطنها ثم وهبها لم يجز لأن الحمل بقي على ملكه فلم يكن شبيه الاستثناء ولا يمكن تنفيذ الهبة فيه لمكان التدبير فبقي هبة المشاع أو هبة شيء هو مشغول بملك الملك بخلاف البيع حيث لا يجوز في الفصول كلها للنهي عن بيع وشرط وقد تقدم أن العوض لا يصح أن يكون بعض الموهوب فلهذا بطل قوله على أن يرد عليه شيئا منها سواء كان الشرط بهذه العبارة أو كان الشيء معينا كالثلث والربع وأما قوله أو يعوضه عنها شيئا فلا يصح أيضا لأن اشتراط التعويض في الهبة لا بد أن يكون العوض معلوما لما تقدم أنه تمليك مبتدأ وهذا مجهول وبهذا اندفع إشكال الشارح رحمه الله تعالى تبعا لصاحب النهاية وهو أنه إذا أراد به الهبة بشرط العوض فهي والشرط جائزان فلا يستقيم قوله بطل الشرط وإن أراد به أن يعوضه عنها شيئا من العين الموهوبة فهو تكرار محض لأنه ذكره بقوله على أن يرد عليه شيئا منها ا هـ .

                                                                                        فإن كلامه لا يتم إلا إذا كان العوض معينا وليس مراد المصنف هذا ما ظهر لي قبل الاطلاع على كلام صدر الشريعة ثم رأيته صرح به فقال أقول : إن مرادهم ما إذا كان العوض مجهولا وإنما يصح العوض إذا كان معلوما . ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية