الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5122 [ ص: 822 ] سورة الانشقاق : باب في قوله تعالى : فسوف يحاسب حسابا يسيرا

                                                                                                                              وهو في النووي ، في (باب إثبات الحساب ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 208 ج 17 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عائشة ؛ قالت : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «من حوسب يوم القيامة ، عذب » ، فقلت : أليس قد قال الله ، عز وجل : فسوف يحاسب حسابا يسيرا ؟

                                                                                                                              فقال : «ليس ذاك الحساب ، إنما ذاك العرض . من نوقش الحساب -يوم القيامة- عذب » ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «من حوسب يوم القيامة ، عذب » فقلت : أليس قال الله تعالى : فسوف يحاسب حسابا يسيرا ؟ فقال : ليس ذلك الحساب ، إنما ذاك العرض . من نوقش الحساب - يوم القيامة - عذب » ) .

                                                                                                                              [ ص: 823 ] معنى نوقش : استقصي عليه . قال عياض : «عذب » له معنيان ؛

                                                                                                                              أحدهما : أن نفس المناقشة ، وعرض الذنوب ، والتوقيف عليها : هو التعذيب . لما فيه من التوبيخ .

                                                                                                                              والثاني : أنه مفض إلى العذاب بالنار . ويؤيده : قوله - في الرواية الأخرى - : «هلك » مكان «عذب » . قال النووي : وهذا الثاني هو الصحيح .

                                                                                                                              ومعناه : أن التقصير ، غالب في العباد ؛ فمن استقصي عليه ، ولم يسامح : هلك ، ودخل النار . ولكن الله تعالى : يعفو ويغفر - ما دون الشرك - لمن يشاء .

                                                                                                                              قال : وفي إسناد هذا الحديث : «عبد الله بن أبي مليكة » عن عائشة . هذا مما استدركه «الدارقطني » على البخاري ، ومسلم .

                                                                                                                              وقال : اختلف العلماء «عن ابن أبي مليكة » : فروي عنه ، عن [ ص: 824 ] عائشة . وروي عنه ، عن القاسم ، عنها . وهذا استدراك ضعيف ؛ لأنه محمول على أنه سمعه : «من القاسم ، عن عائشة » . وسمعه أيضا : منها بلا واسطة ؛ فرواه بالوجهين . وقد سبقت نظائر هذا . انتهى .

                                                                                                                              وفي (فتح البيان ) : «حسابا يسيرا » أي : سهلا هينا ، لا مناقشة فيه . قال : لأنها تغفر ذنوبه ، ولا يحاسب عليها . وقال المفسرون : هو أن تعرض عليه سيئاته ، ثم يغفرها الله «فهو الحساب اليسير » .

                                                                                                                              وعن عائشة رضي الله عنها ، قال : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول - في بعض صلاته - : «اللهم ! حاسبني حسابا يسيرا » فلما انصرف ، قلت : يا رسول الله ! ما الحساب اليسير ؟ قال : «أن ينظر في كتابه ، فيتجاوز له عنه . إنه من نوقش الحساب : هلك » . أخرجه : أحمد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه .

                                                                                                                              [ ص: 825 ] وعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «ثلاث من كن فيه : يحاسبه الله حسابا يسيرا ، ويدخله الجنة برحمته : تعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك » أخرجه البزار ، والطبراني في (الأوسط ) ، والبيهقي ، والحاكم . انتهى .




                                                                                                                              الخدمات العلمية