الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الموضع الثاني

[ في صفة الولي ]

وأما النظر في الصفات الموجبة للولاية والسالبة لها ، فإنهم اتفقوا على أن من شرط الولاية : الإسلام ، والبلوغ ، والذكورة . وأن سوالبها أضداد هذه ( أعني : الكفر والصغر والأنوثة ) .

واختلفوا في ثلاثة : في العبد والفاسق والسفيه :

فأما العبد : فالأكثر على منع ولايته ، وجوزها أبو حنيفة .

وأما الرشد : فالمشهور في المذهب ( أعني : عند أكثر أصحاب مالك ) أن ذلك ليس من شرطها ( أعني : الولاية ) ، وبه قال أبو حنيفة . وقال الشافعي : ذلك من شرطها ، وقد روي عن مالك مثل قول الشافعي ، وبقول الشافعي قال أشهب ، وأبو مصعب .

وسبب الخلاف : تشبيه هذه الولاية بولاية المال . فمن رأى أنه قد يوجب الرشد في هذه الولاية مع عدمه في المال قال : ليس من شرطه أن يكون رشيدا في المال . ومن رأى أن ذلك ممتنع الوجود قال : [ ص: 402 ] لا بد من الرشد في المال ، وهما قسمان كما ترى ( أعني : أن الرشد في المال غير الرشد في اختيار الكفاءة لها ) .

وأما العدالة فإنما اختلفوا فيها من جهة أنها نظر للمعنى ( أعني : هذه الولاية ) ، فلا يؤمن مع عدم العدالة أن لا يختار لها الكفاءة . وقد يمكن أن يقال إن الحالة التي بها يختار الأولياء لمولياتهم الكفء غير حالة العدالة ، وهي خوف لحوق العار بهم ، وهذه هي موجودة بالطبع ، وتلك العدالة الأخرى مكتسبة ، ولنقص العبد يدخل الخلاف في ولايته كما يدخل في عدالته .

التالي السابق


الخدمات العلمية