الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويحرم عليه أن يتزوج وأن يزوج غيره بالوكالة وبالولاية الخاصة فإن تزوج أو زوج فالنكاح باطل لما روى عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب } ولأنه عبادة تحرم الطيب فحرمت النكاح كالعدة وهل يجوز للإمام أو الحاكم أن يزوج بولاية الحكم ؟ فيه وجهان : ( أحدهما ) لا يجوز كما لا يجوز أن يزوج بالولاية الخاصة ( والثاني ) يجوز ; لأن الولاية العامة آكد والدليل عليه أنه يملك بالولاية العامة أن يزوج المسلمة والكافرة ولا يملك ذلك بالولاية [ ص: 297 ] الخاصة ويجوز أن يشهد في النكاح وقال أبو سعيد الإصطخري : لا يجوز لأنه ركن في العقد فلم يجز أن يكون محرما كالولي ( والمذهب ) أنه يجوز ; لأن العقد [ هو ] الإيجاب والقبول والشاهد لا صنع له في ذلك وتكره له الخطبة ; لأن النكاح لا يجوز فكرهت الخطبة له ويجوز له أن يراجع الزوجة في الإحرام ; لأن الرجعة كاستدامة النكاح بدليل أنها تصح من غير ولي ولا شهود وتصح من العبد الرجعة بغير إذن الولي فلم يمنع الإحرام منه كالبقاء على العقد )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث عثمان رواه مسلم واللفظ الأول : لا ينكح - بفتح أوله - أي لا يتزوج ( والثاني ) بضم أوله أي لا يزوج غيره وقوله صلى الله عليه وسلم : { ولا يخطب } معناه لا يخطب المرأة وهو طلب زواجها هذا هو الصواب الذي قاله العلماء كافة ( وأما ) قول أبي علي الفارقي في كتابه ( فوائد المذهب ) المراد به الخطبة التي بين يدي العقد وهي ( الحمد لله إلخ ) فغلط صريح وخطأ فاحش ولا أدري ما حمله على هذا الذي تعسفه وتجاسر عليه لولا خوفي من اعتراض بعض المتفقهين به لما استجزت حكايته والله أعلم . أما أحكام الفصل فيحرم على المحرم أن يتزوج ويحرم عليه أن يزوج موليته بالولاية الخاصة وهي العصوبة والولاء ويحرم على المحرم أن يتزوج فإن كان الزوج أو الزوجة أو الولي أو وكيل الزوج أو وكيل الولي محرما فالنكاح باطل بلا خلاف ; لأنه منهي عنه لهذا الحديث الصحيح والنهي يقتضي الفساد وهل يجوز للإمام أو القاضي أن يزوج بالولاية العامة ؟ وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما : ( أصحها ) لا يجوز وذكر الماوردي وجها ثالثا أنه يجوز للإمام دون القاضي وحكاه أيضا القاضي أبو الطيب والدارمي وآخرون وهل يجوز كون المحرم شاهدا في العقد ؟ وينعقد بحضوره ؟ فيه وجهان ذكرهما المصنف بدليلهما : ( الصحيح ) باتفاق المصنفين يجوز [ ص: 298 ] وينعقد به وهذا هو المنصوص في الأم وقول عامة أصحابنا المتقدمين ( والثاني ) لا يجوز ولا ينعقد قاله أبو سعيد الإصطخري برواية جاءت : { لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يشهد } وبالقياس على الولي وأجاب الأصحاب عن الرواية بأنها ليست ثابتة وعن القياس بالفرق من وجهين : ( أحدهما ) أن الولي متعين كالزوج بخلاف الشاهد ( والثاني ) أن الولي له فعل في العقد بخلاف الشاهد والله أعلم .



                                      قال الشافعي والأصحاب : ويجوز له خطبة المرأة لكن يكره للحديث فإن قيل : كيف قلتم : يحرم التزوج والتزويج وتكره الخطبة وقد قرن بين الجميع في الحديث ؟ قلنا : لا يمتنع مثل ذلك قوله تعالى - : { كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده } والأكل مباح والإيتاء واجب قال الماوردي وغيره : ويكره أيضا للحلال خطبة محرمة ليتزوجها بعد إحلالها ولا تحرم بخلاف خطبة المعتدة وفرقالماوردي والقاضي أبو الطيب وغيرهما أن المحرمة متمكنة من تعجيل تحللها في وقته والمعتدة لا يمكنها تعجيل فربما غلبتها الشهوة فأخبرت بانقضاء عدتها قبل وقتها والله أعلم قال البندنيجي وغيره : ويكره للمحرم أن يخطب لغيره قال هو وغيره : ويجوز أن تزف إليه امرأة عقد عليها قبل الإحرام وتزف المحرمة



                                      قال الشافعي والأصحاب : ويجوز أن يراجع المحرم المحرمة والمحلة سواء أطلقها في الإحرام أو قبله ذكره المصنف هذا هو الصواب وهو نص الشافعي في كتبه وبه قطع المصنف والعراقيون وذكر الخراسانيون وجهين : ( أصحهما ) هذا ( والثاني ) أنه لا تصح الرجعة بناء على اشتراط الشهادة على أحد القولين والصواب الأول والله أعلم قال أصحابنا : وفي تأثير الإحرام وجهان : ( أحدهما ) سلب الولاية ونقلها إلى الأبعد كما لو جن ( وأصحهما ) مجرد الامتناع دون زوال [ ص: 299 ] الولاية لبقاء الرشد والنظر فعلى هذا يزوجها السلطان والقاضي كما لو غاب الولي قال أصحابنا : ويستوي في هذا كله الإحرام بالحج أو العمرة والإحرام الصحيح والفاسد نص عليه الشافعي في الأم واتفق عليه العراقيون وجماعات من غيرهم وذكر جماعة من الخراسانيين أن الفاسد لا يمنع



                                      ( فرع ) من فاته الحج هل يصح نكاحه قبل التحلل بعمل غيره ؟ فيه وجهان حكاهما الحناطي : ( أصحها ) المنع ; لأنه محرم



                                      ( فرع ) إذا وكل حلال حلالا في التزويج ثم أحرم أحدهما أو المرأة ففي انعزال الوكيل وجهان : ( أصحهما ) لا ينعزل فيتزوج بعد التحلل بالوكالة السابقة وهذا هو المنصوص في الأم وفرق الماوردي والقاضي أبو الطيب والأصحاب بينه وبين الصبي إذا وكل في تزويجه ثم بلغ فزوجه الوكيل لا يصح ; لأن المحرم له عبادة وإذن صحيح بخلاف الصبي وليس للوكيل الحلال أن يزوج قبل تحليل الموكل هذا هو الصواب والمعروف في المذهب ونقل الغزالي في الوكيل في الوجيز فيه وجها أنه يجوز وهو غلط قال الرافعي : وهذا الوجه لم أره لغيره ولا له في الوسيط ( أما ) إذا وكله في إحرام الوكيل أو الموكل أو المرأة نظر إن وكله ليعقد في الإحرام لم يصح بلا خلاف ; لأنه أذن له فيما لا يصح منه وإن قال : أتزوج بعد التحلل أو أطلق صح ; لأن الإحرام يمنع انعقاد النكاح دون الإذن قال الرافعي : ومن ألحق الإحرام بالجنون لم يصححه ولو قال : إذا حصل التحلل فقد وكلتك فهذا تعليق الوكالة وفيها خلاف مشهور إن صححناه صح وإلا فلا قال أصحابنا : وإذن المرأة في حال إحرامها على هذا التفصيل المذكور في الوكيل ولو وكل حلال محرما ليوكل حلالا بالتزويج ففي صحته وجهان الأصح الصحة وبه قطع الفوراني وغيره ; لأنه سفير محض ليس إليه من العقد شيء قال أصحابنا ويصح تزويج وكيل المصلي [ ص: 300 ] بخلاف وكيل المحرم ; لأن عبارة المحرم غير صحيحة وعبارة المصلي صحيحة ولهذا لو زوجها في صلاته ناسيا صح النكاح والصلاة والله أعلم .



                                      ( فرع ) قال القاضي أبو الطيب في تعليقه : لو أحرم رجل ثم أذن لعبده في التزويج قال أبو الحسن بن المرزبان : قال ابن القطان : الإذن باطل ولا يصح نكاح العبد ; لأنه لا يصح نكاحه إلا بإذن سيده وسيده لا يصح تزوجه ولا تزويجه في حال إحرامه فلم يصح إذنه قيل لابن القطان فلو أذنت محرمة لعبدها في النكاح ؟ فقال : لا يجوز وهو كالرجل قال ابن المرزبان : وعندي في المسألتين نظر هذا آخر نقل القاضي أبي الطيب وحكى الدارمي كلام ابن القطان ثم قال : ويحتمل عندي الجواز في المسألتين



                                      ( فرع ) إذا أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة وأسلمن وأحرم فله أن يختار في إحرامه أربعا منهن ; لأنه ليس نكاحا هذا هو المنصوص للشافعي وهو المذهب وبه قال جمهور الأصحاب وقيل : فيه قولان وقد ذكر المصنف المسألة في باب نكاح المشرك وأوضح الخلاف فيها .



                                      ( فرع ) قال القاضي أبو الطيب في تعليقه : قال ابن القطان : قال منصور بن إسماعيل الفقيه من أصحابنا في كتابه ( المستعمل ) : إذا وكل المحرم رجلا ليزوجه إذا حل من إحرامه صح ذلك وصح تزوجه بعد إحلاله ولو وكل رجلا ليزوجه إذا طلق إحدى زوجاته الأربع أو إذا طلق [ ص: 301 ] فلان زوجته أن يزوجها له لم يصح قال : والفرق بينه وبين وكيل المحرم أن وكيل المحرم ليس بينه وبين العقد مانع سوى الإحرام ومدته معلومة وغايته معروفة وفي المسألتين الأخيرتين بينه وبين العقد مدة ليس لها غاية معروفة قال ابن القطان : ولا فرق بين المسائل الثلاث عندي فيصح التوكيل في الجميع أو لا يصح في الجميع هذا ما نقله القاضي أبو الطيب ( فأما ) مسألة الإحرام فقد سبق أن الصحيح فيها الصحة وبها قطع الجمهور وأما المسألتان الأخيرتان ففيها وجهان سنوضحهما في كتاب الوكالة إن شاء الله - تعالى - ( أصحهما ) بطلان الوكالة والإذن ولا يصح التزويج .



                                      ( فرع ) إذا تزوج بنفسه أو تزوج له وكيله وأحرم ثم اختلف الزوجان هل كان النكاح في حال الإحرام أم قبله ؟ فإن كانت بينة عمل بها فإن لم تكن فادعى الزوج أنه وقع العقد قبل الإحرام وادعت وقوعه في الإحرام فالقول قول الرجل بيمينه ; لأن الظاهر معه وهو ظاهر قوي فوجب تقديمه وإن ادعت وقوعه قبل الإحرام وادعى الرجل وقوعه في الإحرام فالقول قولها بيمينها في وجوب المهر وسائر مؤن النكاح ويحكم بانفساخ النكاح لإقرار الزوج بتحريمها فإن كان قبل الدخول وجب نصف المهر وإلا فجميعه وهذا كله مشهور في كتب الأصحاب صرح به الدارمي والبندنيجي والقاضي أبو الطيب والماوردي والمحاملي وصاحب الشامل وخلائق قال صاحبا الشامل والبيان وآخرون : فلو لم يدع الزوجان شيئا وشكا هل وقع العقد في الإحرام أم قبله ؟ قال الشافعي - رحمه الله - : النكاح صحيح في الظاهر فلهما البقاء عليه ; لأن الظاهر صحته قال : والورع أن يفارقها بطلقة لاحتمال وقوعه في الإحرام وإنما قال الشافعي : يطلقها طلقة لتحل لغيره بيقين وحكى الدارمي هذا عن نص الشافعي كما ذكره [ ص: 302 ] الأصحاب ثم قال : وخرج أصحابنا قولا أن النكاح باطل بناء على مسألة من قد ملفوفا وفيها قولان في كتاب الجنايات قال الدارمي : ولو قال الرجل : وقع العقد في الإحرام فقالت : لا أدري حكم ببطلانه لإقراره ولا مهر لها ; لأنها لا تدعيه والله أعلم .



                                      ( فرع ) في مذاهب العلماء في نكاح المحرم قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يصح تزوج المحرم ولا تزويجه وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وهو مذهب عمر بن الخطاب وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب وسليمان بن بشار والزهري ومالك وأحمد وإسحاق وداود وغيرهم وقال الحكم الثوري وأبو حنيفة : يجوز أن يتزوج ويزوج واحتجوا بحديث ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم } رواه البخاري ومسلم وبالقياس على استدامة النكاح على الخلع والرجعة والشهادة على النكاح وشراء الجارية وتزويج السلطان في إحرامه واحتج أصحابنا بحديث عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا ينكح المحرم ولا ينكح } رواه مسلم فإن قيل : المراد بالنكاح الوطء ( فالجواب ) من أوجه ذكرها القاضي والأصحاب : ( أحدها ) أن اللفظ إذا اجتمع فيه عرف اللغة وعرف الشرع قدم عرف الشرع ; لأنه طارئ وعرف الشرع أن النكاح العقد - لقوله تعالى - : { فانكحوهن بإذن أهلهن } { فلا تعضلوهن أن ينكحن } { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } وفي الحديث الصحيح : { ولا تنكح المرأة على عمتها } وفي الصحيح : { انكحي أسامة } والمراد بالنكاح في هذه المواضع وشبهها العقد دون الوطء ( وأما ) - قوله تعالى - : { فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } - وقوله تعالى - : { الزاني لا ينكح إلا زانية } فإنما حملناه على الوطء بدليل قوله صلى الله عليه وسلم { : حتى تذوقي عسيلته } .

                                      [ ص: 303 ] الجواب الثاني ) أنه يصح حمل قوله صلى الله عليه وسلم : " ولا ينكح " على الوطء فإن قالوا : المراد لا يطأ ولا يمكن غيره من الوطء قلنا : أجمعنا على أن المحرم يجوز له أن يمكن غيره من الوطء وهو إذا زوج بنته حلالا ثم أحرم فإنه يلزمه أن يمكن الزوج من الوطء بتسليمها إليه ( الجواب الثالث ) أن في هذا الحديث { لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب } والخطبة تراد للعقد وكذلك النكاح وقالوا : يحمل " ولا يخطب " على أنه لا يخطب الوطء بالطلب أو الاستدعاء ( والجواب ) أن الخطبة المقرونة بالعقد لا يفهم منها إلا الخطبة المشهورة وهي طلب التزويج ( الجواب الرابع ) أنه ثبت عن قتيبة بن وهب أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة ابنة شيبة بن جبير فأرسل إلى أبان بن عثمان ليحضر ذلك وهما محرمان فأنكر ذلك عليه أبان وقال : سمعت عثمان بن عفان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب } رواه مسلم في صحيحه وهذا السبب والاستدلال منهم وسكوتهم عليه يدل على سقوط هذا التأويل وعن أبي غطفان بن طريف المري " أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه " رواه مالك في الموطأ وروى البيهقي بإسناده عن سعيد بن المسيب " أن رجلا تزوج وهو محرم فأجمع أهل المدينة على أن يفرق بينهما " ولأنه نكاح لا يعقبه استباحة الوطء ولا القبلة فلم يصح كنكاح المعتدة ولأنه عقد يمنع الإحرام من مقصوده فمنع أصله كشراء الصيد .

                                      ( وأما ) الجواب عن حديث ابن عباس في نكاح ميمونة فمن أوجه : ( أحدهما ) أن الروايات اختلفت في نكاح ميمونة فروى يزيد بن الأصم عن ميمونة وهو ابن أختها { أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال } رواه مسلم وعن أبي رافع { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 304 ] تزوج ميمونة حلالا وبنى بها حلالا وكنت الرسول بينهما } رواه الترمذي وقال : حديث حسن قال أصحابنا : وإذا تعارضت الروايات تعين الترجيح فرجحنا رواية الأكثرين أنه تزوج حلالا ( الوجه الثاني ) أن الروايات تعارضت فتعين الجمع وطريق الجمع تأويل حديث ابن عباس أن قوله : ( محرما ) أي في الحرم فتزوجها في الحرم وهو حلال أو تزوجها في الشهر الحرام وهذا شائع في اللغة والعرف ويتعين التأويل للجمع بين الروايات ( الثالث ) الترجيح من وجه آخر وهو أن رواية تزوجها حلالا من جهة ميمونة وهي صاحبة القصة وأبي رافع كان السفير بينها فهما أعرف فاعتماد روايتهما أولى ( الرابع ) أنه لو ثبت أنه تزوجها صلى الله عليه وسلم محرما لم يكن فيه دليل ; لأن الأصح عند أصحابنا أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج في حال الإحرام وهو قول أبي الطيب بن سلمة وغيره من أصحابنا والمسألة مشهورة في الخصائص من أول كتاب النكاح ( وأما ) الجواب عن أقيستهم كلها فهو أنها كلها ليست نكاحا وإنما ورد الشرع بالنهي عن النكاح وعن قياسهم على الإمام أن الأصح عندنا ألا يصح تزويجه لعموم الحديث وقد سبق بيان هذا ( وإن قلنا ) بالضعيف : إنه يجوز فالفرق بقوة ولايته والله أعلم .

                                      ( فرع ) إذا تزوج المحرم فنكاحه باطل عندنا وعند الجمهور ويفرق بينهما تفرقة الأبدان بغير طلاق وقال مالك وأحمد : يجب تطليقها لتحل لغيره بيقين لشبهة الخلاف في صحة النكاح دليلنا أن العقد الفاسد غير منعقد فلا يحتاج في إزالته إلى فسخ كالبيع الفاسد وغيره وفي هذا جواب عن دليلهم ( فرع ) قد ذكرنا أن المشهور من مذهبنا صحة رجعة المحرم وبه [ ص: 305 ] قال مالك والعلماء إلا أحمد في أشهر الروايتين عنه دليلنا أنها ليست بنكاح وإنما نهى الشرع عن النكاح والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية