الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ( 7 ) لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين ( 8 ) بل هم في شك يلعبون ( 9 ) ) [ ص: 12 ]

اختلف القراء في قراءة قوله ( رب السماوات والأرض ) فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة " رب السماوات " بالرفع على إتباع إعراب الرب إعراب " السميع العليم " . وقرأته عامة قراء الكوفة وبعض المكيين " رب السماوات " خفضا ردا على الرب في قوله - جل جلاله - ( رحمة من ربك ) .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .

ويعني بقوله ( رب السماوات والأرض وما بينهما ) يقول - تعالى ذكره - : الذي أنزل هذا الكتاب يا محمد عليك ، وأرسلك إلى هؤلاء المشركين رحمة من ربك ، مالك السماوات السبع والأرض وما بينهما من الأشياء كلها .

وقوله ( إن كنتم موقنين ) يقول : إن كنتم توقنون بحقيقة ما أخبرتكم من أن ربكم رب السماوات والأرض ، فإن الذي أخبرتكم - أن الله هو الذي هذه الصفات صفاته ، وأن هذا القرآن تنزيله ، ومحمدا - صلى الله عليه وسلم - رسوله - حق يقين ، فأيقنوا به كما أيقنتم بما توقنون من حقائق الأشياء غيره .

وقوله ( لا إله إلا هو ) يقول : لا معبود لكم - أيها الناس - غير رب السماوات والأرض وما بينهما ، فلا تعبدوا غيره ، فإنه لا تصلح العبادة لغيره ، ولا تنبغي لشيء سواه . يحيي ويميت ، يقول : هو الذي يحيي ما يشاء ، ويميت ما يشاء مما كان حيا .

وقوله ( ربكم ورب آبائكم الأولين ) يقول : هو مالككم ومالك من مضى قبلكم من آبائكم الأولين ، يقول : فهذا الذي هذه صفته ، هو الرب فاعبدوه دون آلهتكم التي لا تقدر على ضر ولا نفع .

وقوله ( بل هم في شك يلعبون ) يقول - تعالى ذكره - ما هم بموقنين بحقيقة ما يقال لهم ويخبرون من هذه الأخبار - يعني بذلك مشركي قريش - ولكنهم [ ص: 13 ] في شك منه ، فهم يلهون بشكهم في الذي يخبرون به من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية